والله – سبحانه وتعالى – منزه عن الظلم، ومتصف بالعدل؛ فلا يظلم أحداً مثقال ذرة، وكل أفعاله عدل ورحمة. قال الله تعالى: وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [ق:٢٩]. وقال: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:٤٩] وقال: إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [النساء:٤٠]. والله تعالى لا يسأل عما يفعل وعما يشاء لقوله تعالى: لا يُسْأَلُ عَما يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:٢٣].فالله تعالى خلق الإنسان وأفعاله، وجعل له إرادة، وقدرة، واختياراً، ومشيئة، وهبها الله له لتكون أفعاله منه حقيقة لا مجازا، ثم جعل له عقلاً يميز به بين الخير والشر، ولم يحاسبه إلا على أعماله التي هي بإرادته واختياره؛ فالإنسان غير مجبر بل له مشيئة واختيار؛ فهو يختار أفعاله وعقائده؛ إلا أنه تابع في مشيئته لمشيئة الله، وكل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فالله تعالى هو الخالق لأفعال العباد، وهم الفاعلون لها؛ فهي من الله خلقاً وإيجاداً وتقديراً، ومن العبد فعلاً وكسبا، قال تعالى: لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:٢٨]. ولقد رد الله تعالى على المشركين حين احتجوا بالقدر، وقالوا: لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ. فرد الله عليهم كذبهم، بقوله: قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ [الأنعام:١٤٨]. وأهل السنة والجماعة: يعتقدون أن القدر سر الله في خلقه، لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ضلالة؛ لأن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، قال تعالى: لا يُسْأَلُ عَما يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. وأهل السنة والجماعة: يسلمون تسليماً مطلقاً لقول الله تبارك وتعالى: قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء:٧٨]. ويحاجون به من خالفهم من الفرق الضالة والمنحرفة. وهذا هو الذي آمن به السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان؛ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة عبدالله بن عبدالحميد الأثري - ص١٥٩