قال الله تعالى: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد:٣] هذه الأسماء الأربعة المباركة قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً جامعاً واضحاً فقال يخاطب ربه: ((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء)) (١) إلى آخر الحديث، ففسر كل اسم بمعناه العظيم، ونفى عنه ما يضاده وينافيه فتدبَّر هذه المعاني الجليلة الدالّة على تفرد الرب العظيم بالكمال المطلق والإحاطة المطلقة الزمانية في قوله (الأول والآخر) والمكانية في (الظاهر والباطن) فالأول يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه تعالى والآخر يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتألهها، ورغبتها، ورهبتها، وجميع مطالبها، (والظاهر) يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات على علوه، (والباطن) يدل على إطلاعه على السرائر، والضمائر، والخبايا، والخفايا، ودقائق الأشياء، كما يدل على كمال قربه ودنوه ولا يتنافى الظاهر والباطن لأن الله ليس كمثله شيء في كل النعوت شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني - ص٧٧
(١) رواه مسلم (٢٧١٣). من حديث سهيل بن سعد رضي الله عنه.