للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خامس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحي]

أن المؤمن عندما يدرك أن الله تعالى حي بحياة وهي صفة لازمة له تعالى وله جميع معانيها الكاملة من السمع والبصر والقدرة والإرادة وغيرها من الصفات الذاتية الثابتة بالكتاب والسنة، والحي من أسمائه عز وجل، فإنه يسلم وجهه له إيماناً به وتوكلاً عليه، ففيه رغبته ورهبته، ومعاذه وملاذه لأنه الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون، وحاديه في هذا كله قوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون)) (١).

ومن مقتضى الإيمان بهذا الاسم أن يلهج المؤمن به لما له من تأثير عظيم في حياة القلوب. قال الإمام ابن القيم: فذكر الله سبحانه وتعالى، ومحبته وطاعته والإقبال عليه ضامن لأطيب الحياة في الدنيا والآخرة، والإعراض عنه والغفلة ومعصيته: كفيل بالحياة المنغصة والمعيشة الضنك في الدنيا والآخرة (٢).

ومن تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة: أن من أدمن (يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت) أورثه ذلك حياة القلب والعقل، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله روحه- شديد الله جبها جداً وقال لي يوماً: لهذين الاسمين – وهما (الحي القيوم) – تأثير عظيم في حياة القلب. وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم، وسمعته يقول: من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر: (يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك استغيث) حصلت له حياة القلب ولم يمت قلبه (٣). منهج الإمام ابن قيم الجوزية في شرح أسماء الله الحسنى لمشرف بن علي بن عبد الله الحمراني الغامدي – ص: ٣٩٩


(١) رواه مسلم (٢٧١٧). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) ((مدارج السالكين)) (٣/ ٢٧٠، ٢٧١).
(٣) ((مدارج السالكين)) (١/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>