للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الولي، المولى]

أولاً: (الولي): قال ابن جرير في قوله تعالى: اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ [البقرة: ٢٥٧] (نصيرهم وظهيرهم، يتولاهم بعونه وتوفيقه: يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ [البقرة: ٢٥٧]، يعني بذلك: يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان) (١).

وقال في قوله تعالى: وَكَفَى بِاللهِ وَلِيًّا [النساء: ٤٥]، (وكفاكم وحسبكم بالله ربكم وليا يليكم ويلي أموركم بالحياطة لكم، والحراسة من أن يستفزكم أعداؤكم عن دينكم، أو يصدوكم عن اتباع نبيكم) (٢).

وقال في قوله تعالى: إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [الأعراف: ١٩٦]، (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد للمشركين من عبدة الأوثان: إن وليي ونصيري ومعيني وظهيري عليكم الله الذي نزل الكتاب علي بالحق، وهو يتولى من صلح عمله بطاعته من خلقه) (٣).

وقال الزجاج: (-الولي- هو فعيل، من الموالاة، والولي: الناصر وقال الله تعالى: اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ [البقرة: ٢٥٧]، وهو تعالى وليهم بأن يتولى نصرهم وإرشادهم، كما يتولى ذلك من الصبي وليه، وهو يتولى يوم الحساب ثوابهم وجزاءهم) (٤).

وذكر الخطابي نحو كلام الزجاج، وزاد: (والولي أيضاً المتولي للأمر والقائم به، كولي اليتيم، وولي المرأة في عقد النكاح عليها، وأصله من الولي، وهو القرب) (٥).

ثانياً: (المولى):

يقول ابن جرير في قوله تعالى: (أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة: ٣٨٦])، أنت ولينا بنصرك، دون من عاداك وكفر بك، لأنا مؤمنون بك ومطيعون فيما أمرتنا ونهيتنا، فأنت ولي من أطاعك وعدو من كفر بك فعصاك، فانصرنا لأنا حزبك، على القوم الكافرين الذين جحدوا وحدانيتك وعبدوا الآلهة والأنداد دونك، وأطاعوا في معصيتك الشيطان.

والمولى في هذا الموضع المفعل، من ولي فلان أمر فلان فهو يليه ولاية وهو ولية ومولاه) (٦).

والله جل شأنه مولى الخلق أجمعين بمعنى أنه سيدهم ومالكهم وخالقهم ومعبودهم الحق، كما في قوله تعالى: ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [الأنعام: ٦٢]، وقوله تعالى: هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ [يونس: ٣٠]، ولا تتعارض هذه الآيات مع قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد: ١١]، ويجيب الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى عن هذا بقوله: (والجواب عن هذا: أن معنى كونه مولى الكافرين أنه مالكهم المتصرف فيهم بما شاء، ومعنى كونه مولى المؤمنين دون الكافرين، أي: ولاية المحبة والتوفيق والنصر، والعلم عند الله تعالى) (٧). ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها لعبد العزيز بن ناصر الجليل – ص: ٤٦٠


(١) ((تفسير الطبري)) (٣/ ١٥).
(٢) ((تفسير الطبري)) (٥/ ٧٥).
(٣) ((تفسير الطبري)) (٩/ ١٥٢).
(٤) ((تفسير الأسماء)) (ص: ٥٥).
(٥) ((شأن الدعاء)) (ص: ٧٨).
(٦) ((تفسير الطبري)) (٣/ ١٠٦).
(٧) ((دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب)) (ص: ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>