للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السادس: كفر من سوغ اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم]

نسخت شريعة محمد صلى الله عليه وسلم جميع الشرائع السابقة عليها .. فيحرم بل يكفر كل من سوَّغ اتباع شريعة سابقة منسوخة فضلاً عن أن يسوغ اتباع شريعة قانونية أرضية من شرائع الناس فهذا أشد كفراً وردة عن الإسلام.

نص كلام شيخ الإسلام في المسألة: قال – رحمه الله -: (ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوَّغ اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر) (١).

ذكر من نقل الإجماع من أهل العلم أو نص على المسألة ممن سبق شيخ الإسلام: قال الإمام ابن حزم – رحمه الله -: (نسخ عز وجل بملته كل ملة وألزم أهل الأرض جنهم وإنسهم اتباع شريعته التي بعثه بها ولا يقبل من أحد سواها) (٢).

وهذا أمر مقرر ومعروف عند أهل الإسلام .. والجهل به جهل بالدين كله، ومن سوغ اتباع شريعة غير شريعة الإسلام سواء كانت من الشرائع السابقة المحرفة والمنسوخة، أو كانت من الشرائع الحادثة الأرضية، فهو كافر لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً. والعلم بذلك ضرورة من ضروريات هذا الدين .. ولهذا قدم شيخ الإسلام نقله للإجماع عليها بقوله: (ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين).

ذكر مستند الإجماع على كفر من سوَّغ اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم: حق التشريع لله وحده .. وقد بعث رسوله بشرعه وأمر الناس باتباعه .. وجعل الاتباع في طريقه ونهجه، فكل ما يخالف شرعه فهو ضلال وتيه، والإيمان بذلك أصل من أصول الدين – أن تعرف دينك – وهو ما شرعه لك ربك في محكم كتابه أو على لسان نبيك .. فمن أنكر هذا أو شك فيه أو رضي غيره أو سوَّغ اتباع غير الشريعة فهو كافر أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة: ٥٠]، قُلْ أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل عمران: ٣٢]، وكل من سوَّغ اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فقد تولى عن طاعة الله ورسوله .. ومن تولى عن طاعة الله ورسوله فهو من الكافرين، بل يقسم الله عز وجل على عدم إيمان من لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينه وبين الناس فيقول: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء: ٦٥] فكيف من يسوغ اتباع شريعة أخرى غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم!!. المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع لمجموعة مؤلفين – ص: ٨٠٥


(١) ((مجموع الفتاوى)) (٢٨/ ٥٢٤).
(٢) ((المحلى)) (١/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>