للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثامن: شبهات وجوابها حول التشبه]

فإن قيل ما ذكر ... من الأدلة معارض بما يدل على خلافه وذلك: أن شرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يرد شرعنا بخلافه، وقوله تعالى: فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ. وقوله: اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ. وقوله: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ [المائدة: ٤٤]. وغير ذلك من الدلائل المذكورة في غير هذا الموضع، مع أنكم مسلمون لهذه القاعدة، وهي قول عامة السلف وجمهور الفقهاء.

ومعارض بما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فوجد اليهود صياماً، يوم عاشوراء، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فيه فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً لله، فنحن نصومه تعظيماً له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه)). (١) متفق عليه.

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فصوموه أنتم)). (٢) متفق عليه وهذا اللفظ للبخاري ولفظ مسلم: ((تعظمه اليهود وتتخذه عيداً)) (٣)، وفي لفظ: ((كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء ويتخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشاراتهم)) (٤).

وعن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ((كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ناصيته، ثم فرق بعد)) (٥). متفق عليه.

بيان أن هذا الاعتراض مبني على مقدمتين كلتاهما منتفية

قيل: أما المعارضة بكون شرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يرد شرعنا بخلافه، فذاك مبني على مقدمتين، كلتاهما منتفية، في مسألة التشبه بهم.


(١) [١١٨٩])) رواه البخاري (٣٣٩٧) ومسلم (١١٣٠).
(٢) [١١٩٠])) رواه البخاري (٢٠٠٥).
(٣) [١١٩١])) رواه مسلم (١١٣١).
(٤) [١١٩٢])) رواه مسلم (١١٣١) (١٣٠).
(٥) [١١٩٣])) رواه البخاري (٥٩١٧) ومسلم (٢٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>