للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: تعريف الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم]

(الإيمان بالرسول: هو تصديقه, وطاعته, واتباع شريعته) (١) وهذه الأمور هي الركائز التي يقوم عليها الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم, وعن بيان هذه الأمور المطلوبة عند الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم قال العلماء:

أ- أما تصديقه صلى الله عليه وسلم فيتعلق به أمران عظيمان:

أحدهما: إثبات نبوته وصدقه فيما بلغه عن الله، وهذا مختص به صلى الله عليه وسلم (٢).

ويندرج تحت هذا الإثبات والتصديق عدة أمور منها:

١ - الإيمان بعموم رسالته إلى كافة الثقلين إنسهم وجنهم.

٢ - الإيمان بكونه خاتم النبين, ورسالته خاتمة الرسالات.

٣ - الإيمان بكون رسالته ناسخة لما قبلها من الشرائع.

٤ - الإيمان بأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وأكملها, وأدى الأمانة, ونصح لأمته حتى تركهم على البيضاء ليلها كنهارها.

٥ - الإيمان بعصمته صلى الله عليه وسلم.

٦ - الإيمان بماله من حقوق خلاف ما تقدم ذكره, كمحبته وتعظيمه صلى الله عليه وسلم.

الثاني: (تصديقه فيما جاء به، وأن ما جاء به من عند الله حق يجب اتباعه. وهذا يجب عليه صلى الله عليه وسلم وعلى كل أحد) (٣).

فيجب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم جميع ما أخبر به عن الله عز وجل، من أنباء ما قد سبق, وأخبار ما سيأتي، وفيما أحل من حلال, وحرّم من حرام، والإيمان بأن ذلك كله من عند الله عز وجل، قال تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى [النجم: ٣ - ٤].

قال شارح العقيدة الطحاوية: (يجب على كل أحد أن يؤمن بما جاء به الرسول إيماناً عاماً مجملاً، ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم على التفصيل فرض على الكفاية) (٤).

ب- طاعته واتباع شريعته: إن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم كما يتضمن تصديقه فيما جاء به فهو يتضمن كذلك العزم على العمل بما جاء به, وهذه هي الركيزة الثانية من ركائز الإيمان به صلى الله عليه وسلم.

وهي تعني: الانقياد له صلى الله عليه وسلم وذلك بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه وزجر امتثالاً لقوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: ٧]. فيجب على الخلق اتباع شريعته, والالتزام بسنته, مع الرضا بما قضاه والتسليم له، والاعتقاد الجازم أن طاعته هي طاعة لله, وأن معصيته معصية لله, لأنه هو الواسطة يين الله وبين الثقلين في التبليغ ........

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يجب على الخلق الإقرار (٥) بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم, فما جاء به القرآن العزيز أو السنة المعلومة وجب على الخلق الإقرار به جملة وتفصيلاً عند العلم بالتفصيل، فلا يكون الرجل مؤمناً حتى يقر بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم, وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله، فمن شهد أنه رسول الله شهد أنه صادق فيما يخبر به عن الله تعالى فإن هذا حقيقة الشهادة بالرسالة) (٦). حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته لمحمد خليفة التميمي -١/ ٣٤


(١) كتاب ((اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)) (ص: ٩٢).
(٢) ((مجموع الفتاوى)) (١٥/ ٩١).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (١٥/ ٩١).
(٤) ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص: ٦٦).
(٥) يقول ابن تيمية في بيان معنى الإقرار: (إن الإيمان هو الإقرار لا مجرد التصديق، والإقرار ضمن قول القلب الذي هو التصديق وعمل القلب الذي هو الانقياد). ((مجموع الفتاوى)) (٧/ ٦٣٨، ٦٣٩).
(٦) ((مجموع الفتاوى)) (٥/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>