للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

تنوعت عبارات أهل العلم في بيان أنواع الشرك، ولكنها لا تخرج عن المدلول الشرعي للشرك ... فمن عباراتهم في بيان أنواع الشرك ما يلي:

أ- أن الشرك ينقسم إلى أكبر وأصغر (١).

ب- ويقول بعضهم: إنه على ثلاثة أقسام: أكبر، وأصغر، وخفي (٢).

ج- والبعض يقسمه حسب أجزاء التوحيد الثلاثة (٣).

د- وبعضهم يقسمه إلى نوعين: الشرك في الربوبية، والشرك في الألوهية، ويدخل الشرك في الأسماء والصفات ضمن النوع الأول (٤).

هذه الأقوال ليست متباينة، بل بعضها يوافق بعضاً، فمن قسم الشرك إلى قسمين: أكبر وأصغر، نظر إلى حقيقة الشرك وأحكامه من حيث خروجه من الإسلام وعدم خروجه. والذي قسم الشرك إلى ثلاثة أنواع: الأكبر والأصغر والخفي، فإنه لم يخالف القول السابق؛ لأنه إنما أراد إظهار أهمية الشرك الخفي، وإلا فالشرك الخفي داخل تحت النوعين السابقين، فإن الشرك الخفي بعضه من الشرك الأكبر المخرج من الملة، وبعضه من الشرك الأصغر الذي هو أكبر من المعاصي - الكبائر - ولكنها لا تخرج من الملة، وإنما أراد من أبرزها كنوع ثالث بيان خفائها على كثير من الناس وكثرة وقوعها، ...

أما الذي قسمه حسب أنواع التوحيد الثلاثة, والذي قسمه إلى نوعي الشرك في الربوبية والشرك في الألوهية فليس بينهما إلا إجمال وتفصيل.

فهذه الأقوال صحيحة وشاملة. وهناك أقوال أخرى للعلماء في بيان أنواع الشرك، وهي غير شاملة، منها:

هـ- أن أقسام الشرك أربعة:

الأول: شرك الاحتياز: وهو أن يكون غير الله مالكاً لشيء يستقل به، ولو كان في الحقارة مثقال ذرة.

الثاني: شرك الشياع: أن يكون لغيره نصيب يشاركه فيه، كيفما كان هذا النصيب في المكان والمكانة.

الثالث: شرك الإعانة: وهو أن يكون له ظهير ومعين من غير أن يملك معه، كما يعين أحدنا مالك متاع على حمله مثلاً.

الرابع: شرك الشفاعة: وهو أن يوجد من يتقدم بين يديه يدل بجاهه؛ ليخلص أحداً بشفاعته.

ويبدر ممن قال بهذا القول: أنه قسم الشرك حسب متعلقه وحسب باعث الناس على الشرك، وهذه الأنواع كلها داخلة تحت الشرك الأكبر، وهذه من أفراده، وكان قد أخذه من قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ: ٢٢، ٢٣].

ووقال بعضهم: إنه على ستة أنواع:

١ - شرك الاستقلال: وهو إثبات شريكين مستقلين، كشرك المجوس.

٢ - شرك التبعيض: وهو تركيب الإله من آلهة كشرك النصارى.

٣ - شرك التقريب: وهو عبادة غير الله إلى الله زلفى، كشرك متقدمي الجاهلية.

٤ - شرك التقليد: وهو عبادة غير الله تبعاً للغير، كشرك متأخري الجاهلية.

٥ - شرك الأسباب: وهو إسناد التأثير للأسباب العادية، كشرك الفلاسفة، والطبائعيين، ومن تبعهم في ذلك.

٦ - شرك الأغراض: وهو العمل لغير الله (٥).


(١) ابن القيم: ((مدارج السالكين)) (١/ ٣٣٩)، وابن سحمان: ((الدرر السنية)) (٢/ ٨٥).
(٢) انظر ما قاله الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في ((رسالة: أنواع التوحيد وأنواع الشرك، ضمن الجامع الفريد)) (ص: ٣٤١).
(٣) سليمان بن عبد الله: ((تيسير العزيز الحميد)) (ص: ٤٣).
(٤) انظر ما ذكره ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (١/ ٩١ - ٩٤)، و ((درء تعارض العقل والنقل)) (٧/ ٣٩٠)، والمقريزي: ((تجريد التوحيد المفيد)) (ص: ٨).
(٥) أبو البقاء الكفوي، ((الكليات)) (ص: ٢١٦)، وأحمد الرومي: ((مجالس الأبرار)) (ص: ١٥٠ - ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>