للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث عشر: كيف يتقي الإنسان نار الله؟]

لما كان الكفر هو السبب في الخلود في النار فإن النجاة من النار تكون بالإيمان والعمل الصالح، ولذا فإن المسلمين يتوسلون إلى ربهم بإيمانهم كي يخلصهم من النار، الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النارِ [آل عمران:١٦]، رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:١٩١ - ١٩٤]. وقد فصلت النصوص هذا الموضوع فبينت الأعمال التي تقي النار فمن ذلك محبة الله، ففي (مستدرك الحاكم) و (مسند أحمد) عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والله لا يلقي الله حبيبه في النار)) (١) والصيام جنة من النار، ففي (مسند أحمد)، والبيهقي في (شعب الإيمان) بإسناد حسن عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: الصيام جنة يستجن بها من النار)). (٢) وعند البيهقي في (الشعب) من حديث عثمان بن أبي العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الصوم جنة من عذاب الله)) ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وإسناده صحيح (٣). أما إذا كان الصوم في حال جهاد الأعداء فذاك الفوز العظيم، فعن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من صام يوماً في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) (٤). رواه أحمد، والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي. ومما ينجي من النار مخافة الله، والجهاد في سبيل الله وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:٤٦]، وروى الترمذي والنسائي في (سننهما) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم)). (٥)


(١) رواه أحمد (٣/ ١٠٤) (١٢٠٣٧)، والحاكم (١/ ١٢٦). وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير في ((تفسيره)) (٦٦/ ١٤٢): إسناده على شرط الصحيحين. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٢١٦): رجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٥/ ٥٣١): صحيح على شرط الشيخين.
(٢) رواه أحمد (٣/ ٣٩٦) (١٥٢٩٩)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (٣/ ٢٩٤). قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٢/ ١٠٧) والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٣/ ١٨٣): إسناده حسن. وقال الألباني في ((صحيح الجامع)) (٤٣٠٨): حسن.
(٣) رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (٣/ ٢٩٤). والحديث رواه النسائي (٤/ ١٦٧)، وابن ماجه (١٦٣٩)، وأحمد (٤/ ٢١٧) (١٧٩٣٩)، وابن خزيمة (٣/ ٣٠١). بلفظ: (الصوم جنة من النار كجنة أحدكم من القتال). قال الألباني في ((صحيح الجامع)) و ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٤) رواه البخاري (٢٨٤٠) ومسلم (١١٥٣) , والترمذي (١٦٢٣) , والنسائي (٤/ ١٧٢) (٢٢٤٥) , وأحمد (٣/ ٨٣) (١١٨٠٧).
(٥) رواه الترمذي (١٦٣٣)، والنسائي (٦/ ١٢). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح ..

<<  <  ج: ص:  >  >>