للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة]

لقد دل كتاب الله على تفاضل جماعات الصحابة، فالله عز وجل فضل الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا على الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، والمقصود بالفتح صلح الحديبية (١). قال سبحانه: لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد: ١٠]. وفضل الله السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار على من دونهم، فقال سبحانه: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ [التوبة: ١٠٠]. وهذا نص على تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كما يقول القرطبي (٢). وقد اختلف في تعيين السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار على أقوال (٣):

أحدها: أنهم الذين صلوا إلى القبلتين.

الثاني: أنهم أهل بيعة الرضوان.

الثالث: أنهم أهل بدر.

الرابع: أنهم جميع الصحابة بلا استثناء وأن الذين اتبعوهم بإحسان هم تابعوهم من غير الصحابة.

هذه الأقوال المنقولة عن السلف من الصحابة والتابعين، وزاد المتأخرون قولين:

أحدهما: أنهم السابقون بالموت والشهادة، قال ابن الجوزي: (ذكره الماوردي) (٤).

الثاني: أنهم الذين أسلموا قبل الهجرة، قال ابن الجوزي: (ذكره القاضي أبو يعلى) (٥).


(١) ((تفسير الطبري)) (٢٣/ ١٧٥)، و ((تفسير ابن كثير)) (٨/ ١٢).
(٢) ((تفسير القرطبي)) (٨/ ٢٣٦).
(٣) ((تفسير الطبري)) (١١/ ٦) و ((الاستيعاب – بهامش الإصابة -)) (١/ ٢) و ((زاد المسير)) (٣/ ٤٩٠) و ((تفسير القرطبي)) (٨/ ٢٣٦) و ((الدر المنثور)) (٣/ ٢٦٩).
(٤) ((زاد المسير)) (٣/ ٤٩٠).
(٥) ((زاد المسير)) (٣/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>