للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول أقوى من سابقه، لأن معاوية رضي الله عنه أفضل من عمر بن عبد العزيز ولم يُعَّد منهم، ويكفيه فضلاً صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكتابته الوحي بين يديه وغيرهما (١) وإنما اشتهر فضل عمر بن عبد العزيز لأنه أتى بعد سنوات من الظلم والعَسْفِ، فرفع المظالم ورد الأمانات إلى أهلها. أما معاوية رضي الله عنه فقد جاء بعد أفضل الأمة بعد الأنبياء، وهم الخلفاء الأربعة الراشدون رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ومع ذلك فقد كان له من الفضل والأمانة وحسن سياسة الرعية ومحبتهم له الشيء الكثير، روى الأثرم بسنده إلى أبي هريرة المكتَّب قال: كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله فقال الأعمش: (فكيف لو أدركتم معاوية؟) قالوا في حلمه؟ قال: (لا والله بل في عدله) (٢). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (اتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة) (٣). وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث في فضله رضي الله عنه، هذا من ناحية الخلفاء، أما أفضل الصحابة عمومًا بعد الأربعة فهم بقية أهل الشورى.

من السنة المفاضلة بين الخلفاء الراشدين قد يعترض معترض فيقول: الأولى أن نحبّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعاً ولا نفاضل بينهم، ولهذا المعترض نقول: السنة المفاضلة بينهم على ما جاءت به الأحاديث الصحيحة، وسار عليه السلف الصالح من تفضيل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله تعالى عنهم أجمعين على سائر الصحابة، وقد سئل الإمام أحمد عن رجل يحب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يفضل بعضهم على بعض وهو يحبهم قال: (السنة أن يفضل أبا بكر وعمر وعثمان وعلي من الخلفاء) (٤).

وإنما الذي ذموا التحدث فيه والتعرض له هو ما شجر بين الصحابة من قتال وفتن بعد مقتل الشهيد عثمان رضي الله عنه، ثم النزاع الذي حصل بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ومن معهما من الصحابة. الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة لعبدالله بن عمر الدميجي - ص: ٣٢٧


(١) [١١٢٢٠])) انظر: ((العواصم من القواصم وحاشيته)) (ص: ١٥١).
(٢) [١١٢٢١])) رواه الخلال في ((السنة)) (٢/ ٤٣٧).
(٣) [١١٢٢٢])) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٤٧٨).
(٤) [١١٢٢٣])) رواه الخلال في ((السنة)) (٢/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>