للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادساً: فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

وهي زينب بنت جحش بن رباب بن يعمر الأسدي حليف بني عبد شمس وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من المهاجرات الأول، تزوجها صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث، وقيل سنة خمس، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة وفيها نزلت فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: ٢٧] وكان زيد يدعي ابن محمد فلما نزلت ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ [الأحزاب: ٥]، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأته انتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه بحيث يتوارثان إلى غير ذلك، وكانت زينب رضي الله عنها من سادات النساء ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاً وهي أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقا به حيث كانت وفاتها سنة عشرين فرضي الله عنها وأرضاها (١). العقيدة في أهل اليت بين الإفراط والتفريط لسليمان السحيمي –ص: ١٠٤

١ - فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها في القرآن الكريم

أوجه دلالات قوله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة .. على فضل زينب رضي الله عنها

هذه الآيات الكريمات دلت على عدد من فضائل زينب رضي الله عنها وهي كالتالي:

الفضيلة الأولى: دلالة الآية على إيمانها:

بحسب ما ذكره جمهور المفسرين في سبب نزول الآية الأولى فإنها تدل بكل وضوح على عمق إيمانها رضي الله عنها فرغم أنها من بيت شريف نسيب، والشأن عند العرب أنه لا ينكحها إلا مثلها إلا أنها استجابت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضيت بزيد زوجاً فكان عاقبة هذا الرضى والتسليم لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن صار زوجها بعد ذلك هو سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.

الفضيلة الثانية: أن الله تبارك وتعالى هو الذي تولى تزويجها:

وهذا ثابت في قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: ٣٧]، فهذه الآية الكريمة تدل على أن الذي زوج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب هو الله تعالى.

وترتب على هذا الفضيلة الثالثة: أنه لم يحصل في زواج زينب شيء مما هو معتبر في النكاح من ولي وصداق وشهود.

قال ابن القيم: (ومن خصائص زينب أن الله سبحانه كان هو وليها الذي زوجها لرسوله صلى الله عليه وسلم من فوق سماواته) (٢).

قال الشوكاني: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب بغير إذن ولا عقد ولا تقدير صداق ولا شيء مما هو معتبر في حق النكاح في حق أمته) (٣). وعلى دلالة الآية على هذا ذهب غير واحد من المفسرين (٤)، وقد تأيد هذا المعنى بروايات في السنة المطهرة، فعن أنس رضي الله عنه: (أن زيداً لما خطب زينب للنبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن وجاء رسول الله ودخل عليها بغير إذن) (٥) ...

ولهذه الفضيلة كانت رضي الله عنها تفتخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكن أهليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات) (٦).

وفي رواية: (إن الله أنكحني في السماء) (٧).


(١) ((الطبقات)) لابن سعد (٨/ ١٠١ - ١٠٥)، و ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (٢/ ٥١ - ٤٥)، و ((سير أعلام النبلاء)) (٢/ ٢١١ - ٢١٨)، و ((البداية والنهاية)) (٧/ ١٠٦ - ١٠٧)، و ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٢٤٦ - ٢٤٨)، و ((الإصابة)) (٤/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
(٢) ((زاد المعاد)) (١/ ١٠٨).
(٣) ((فتح القدير)) (٤/ ٩٥).
(٤) ((تفسير القرآن العظيم)) (٦/ ٤٢٥)، ((حسن الأسوة)) (ص: ١٩٥)، ((التحرير والتنوير)) (٢٢/ ٣٩).
(٥) رواه مسلم (١٤٢٨).
(٦) رواه البخاري (٧٤٢٠). من حديث أنس رضي الله عنه.
(٧) رواها البخاري (٧٤٢١). من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>