للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اثنان وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المقيت]

١ - إن الله هو (المقيت) أي القدير على كل شيء، وسيأتي بسط الكلام على ذلك في (القدير) إن شاء الله تعالى.

٢ - إن الله سبحانه وتعالى هو المعطى لأقوات الخلق صغيرهم وكبيرهم، قويهم وضعيفهم، غنيهم وفقيرهم، قال تعالى وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [هود: ٦].

وقد قدر الله ذلك كله عند خلقه للأرض، قال تعالى وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ [فصلت: ١٠].

قال ابن كثير: وقدر فيها أقواتها، وهو ما يحتاج أهلها إليه من الأرزاق والأماكن التي تزرع وتغرس (١).

وقال القرطبي: معنى قدر فيها أقواتها أي أرزاق أهلها وما يصلح لمعايشهم من التجارات والأشجار والمنافع في كل بلدة ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة والأسفار من بلد على بلد (٢).

٣ - قال القرطبي في الأسنى: وقد يقوت الأرواح إدامة المشاهدة ولذيذ المؤانسة، قال الله عز وجل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ [يونس: ٩] (٣).

وإلى هذا أحد أوجه قوله عليه الصلاة والسلام: ((إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)) (٤).

وأنشدوا:

فقوت الروح أرواح المعاني ... وليس بأن طعمت وأن شربتا

فلكل مخلوق قوت، فالأبدان قوتها المأكول والمشروب، والأرواح قوتها العلوم، وقوت الملائكة التسبيح، وبالجملة فالله سبحانه هو المقيت لعباده، الحافظ لهم، والشاهد لأحوالهم، والمطلع عليهم، وقد تضمن هذا الاسم جميع الصفات.

فيجب على كل مكلف أن يعلم أن لا قائم بمصالح العباد إلا الله سبحانه، وأنه الذي يقوتهم ويرزقهم.

وأفضل رزق يرزقه الله العقل، فمن رزقه العقل أكرمه، ومن حرمه ذلك فقد أهانه اهـ (٥). النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود– ص: ٣٤١


(١) ((التفسير)) (٤/ ٩٣).
(٢) ((التفسير)) (١٥/ ٣٤٢ - ٣٤٣).
(٣) قال في ((التفسير)) (٨/ ٣١٢): يهديهم ربهم بإيمانهم أي يزيدهم هداية كقوله والذين اهتدوا زادهم هدى.
(٤) رواه البخاري (٧٢٩٩)، ومسلم (١١٠٣). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٥) ((الكتاب الأسنى))

<<  <  ج: ص:  >  >>