للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: إنكار الربوبية]

لم ينكر توحيد الربوبية أحد من البشر إلا طائفة من الشذاذ, المكابرين, المعاندين, المنكرين لما هو متقرر في فطرهم؛ فإنكارهم إنما كان بألسنتهم مع اعترافهم بذلك في قرارة أنفسهم.

ومن أشهر من عرف بذلك فرعون؛ الذي قال لقومه –كما أخبر الله عنه-: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات: ٢٤] وقال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص: ٣٨].

وكلامه هذا مجرد دعوى لم يقم عليها بينة، ولا دليل، بل كان هو نفسه غير مؤمن بما يقول.

قال –تعالى- على لسان موسى عليه السلام: قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا [الإسراء: ١٠٢].

وأخبر –عز وجل- وهو العليم بذات الصدور – أن كلام فرعون ودعواه لم يكن عن عقيدة ويقين، وإنما هو مكابرة وعناد، قال تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل: ١٤].

وممن أنكر ذلك –أيضاً- الشيوعيون، فلقد أنكروا ربوبية الله، بل أنكروا وجوده –سبحانه وتعالى- بناءاً على عقيدتهم الخبيثة الفاجرة التي تقوم على الكفر بالغيب، والإيمان بالمادة وحدها.

وهم في الحقيقة لم يزيدوا على أن سموا الله بغير اسمه، بحيث ألهوا الطبيعة، ونعتوها بنعوت الكمال التي لا تليق بأحد إلا الله – عز وجل – فقالوا: الطبيعة حكيمة، الطبيعة تخلق، إلى غير ذلك.

وكلامهم هذا باطل متهافت، بل إن أصحاب هذا المبدأ انشقوا على أنفسهم، ولعن بعضهم بعضاً، وكفر بعضهم ببعض (١). رسائل في العقيدة لمحمد بن إبراهيم الحمد– ص: ١٢٧


(١) انظر: ((الشيوعية)) لمحمد بن إبراهيم الحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>