للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الخلق]

صفةٌ من صفات الله الفعلية الثابتة بالكتاب والسنة، وهي مأخوذة أيضاً من اسميه (الخالق) و (الخلاَّق)، وهي من صفات الذات وصفات الفعل معاً.

الدليل من الكتاب:

وردت هذه الصفة في القرآن مرات عديدة، تارة بالفعل (خَلَقَ)، أو بمصدره، وتارة باسمه (الخالق) أو (الخلاَّق)، ومن ذلك:

قوله تعالى: أَلا لَهُ الْخَلْقُ واَلأمْرُ [الأعراف: ٥٤].

وقوله: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ [الحجر: ٨٦].

وقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ [ق: ١٦].

وقوله: هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِيءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى [الحشر: ٢٤].

الدليل من السنة:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كَخَلْقي؛ فليخلقوا ذرَّة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة)) (١).

حديث عائشة رضي الله عنها في التصاوير: ((أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)) (٢).

قال الأزهري: ومن صفات الله: الخالق والخلاق، ولا تجوز هذه الصفة بالألف واللام لغير الله جل وعز.

والخلق في كلام العرب ابتداع الشيء على مثال لم يسبق إليه.

وقال أبو بكر بن الأنباري: الخلق في كلام العرب على ضربين: أحدهما:

الإنشاء على مثال أبدعه والآخر: التقدير.

وقال في قول الله جَلَّ وعَزَّ: فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون:١٤]: معناه: أحسن المقدرين اهـ (٣).

وقال ابن تيمية: وأما قولنا: هو موصوف في الأزل بالصفات الفعلية من الخلق والكرم والمغفرة؛ فهذا إخبار عن أنَّ وصفه بذلك متقدم؛ لأن الوصف هو الكلام الذي يخبر به عنه، وهذا مما تدخله الحقيقة والمجاز، وهو حقيقة عند أصحابنا، وأما اتصافه بذلك؛ فسواء كان صفةً ثبوتِيَّةً وراء القدرة أو إضافية؛ فيه من الكلام ما تقدم (٤).

وقال في موضع آخر: والله تعالى لا يوصف بشيء من مخلوقاته، بل صفاته قائمة بذاته، وهذا مطرد على أصول السلف وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم، ويقولون: إنَّ خلق الله للسماوات والأرض ليس هو نفس السماوات والأرض، بل الخلق غير المخلوق، لاسيما مذهب السلف والأئمة وأهل السنة الذين وافقوهم على إثبات صفات الله وأفعاله (٥).

وقال في موضع ثالث: ولهذا كان مذهب جماهير أهل السنة والمعرفة - وهو المشهور عند أصحاب الإمام أحمد وأبي حنيفة وغيرهم من المالكية والشافعية والصوفية وأهل الحديث وطوائف من أهل الكلام من الكرامية وغيرهم - أنَّ كون الله سبحانه وتعالى خالقاً ورازقاً ومحيياً ومميتاً وباعثاً ووارثاً وغير ذلك من صفات فعله، وهو من صفات ذاته؛ ليس من يخلق كمن لا يخلق ومذهب الجمهور أنَّ الخلق غير المخلوق؛ فالخلق فعل الله القائم به، والمخلوق هو المخلوقات المنفصلة عنه (٦).

وقد نقل رحمه الله في (مجموع الفتاوى) قول أبي يعلى الصغير الحنبلي: فالخلق صفة قائمة بذاته، والمخلوق الموجود المخترَع، وهذا بناء على أصلنا، وأن الصفات الناشئة عن الأفعال موصوف بها في القدم، وإن كانت المفعولات محدثة قال: وهذا هو الصحيح (٧). صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص١٣١


(١) رواه البخاري (٥٩٥٣)، ومسلم (٢١١١).
(٢) رواه البخاري (٥٩٥٤)، ومسلم (٢١٠٧).
(٣) ((تهذيب اللغة)) (٧/ ٢٦).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٢٧٢).
(٥) ((مجموع الفتاوى)) (٨/ ١٢٦).
(٦) ((مجموع الفتاوى)) (١٢/ ٤٣٥ - ٤٣٦).
(٧) ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>