للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه]

لقد أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا من جاء بعدهم ممن سلك سبيلهم من أهل السنة والجماعة على أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أحق الناس بخلافة النبوة بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يخالف أو يعارض في هذا أحد بل الجميع سلم له ذلك لكونه أفضل خلق الله على الإطلاق بعد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

وقد نقل الإجماع على أحقية عثمان رضي الله عنه بالخلافة بعد عمر رضي الله عنه طائفة من أهل العلم بالحديث وغيرهم ومن تلك النقول:

ما رواه ابن أبي شيبة بإسناده إلى حارثة بن مضرب قال: (حججت في إمارة عمر فلم يكونوا يشكون أن الخلافة من بعده لعثمان) (١).

وروى أبو نعيم الأصبهاني بإسناده إلى حذيفة –رضي الله عنه قال: (إني لواقف مع عمر تمس ركبتي ركبته فقال: من ترى قومك يؤمرون قال: إن الناس قد أسندوا أمرهم إلى ابن عفان) (٢).

ونقل الحافظ الذهبي عن شريك بن عبد الله القاضي أنه قال: (قبض النبي صلى الله عليه وسلم فاستخلف المسلمون أبا بكر فلو علموا أن فيهم أحداً أفضل منه كانوا قد غشوا، ثم استخلف أبو بكر عمر فقام بما قام به من الحق والعدل، فلما احتضر جعل الأمر شورى بين ستة، فاجتمعوا على عثمان، فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا) (٣). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وأخرج يعقوب بن شيبة في (مسنده) من طريق صحيح إلى حذيفة قال: (قال لي عمر من ترى قومك يؤمرون بعدي؟ قال: قلت: قد نظر الناس إلى عثمان وأشهروه لها) (٤). وقال أيضاً: وأخرج البغوي في (معجمه) وخيثمة في (فضائل الصحابة) بسند صحيح عن حارثة بن مضرب قال: (حججت مع عمر فكان الحادي يحدو أن الأمير بعده عثمان بن عفان) (٥).

وروى أبو نعيم الأصبهاني بإسناده إلى حارثة بن مضرب قال: (حججت مع عمر أول خلافة عمر فلم يشك أن الخليفة بعده عثمان بن عفان رضي الله عنه) (٦). فهذه النقول فيها بيان واضح في أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد اشتهر بينهم أولوية عثمان بالخلافة وما زال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حياً لما سبق من علمهم ببعض النصوص المشيرة إلى أن ترتيبه سيكون في خلافة النبوة بعد الفاروق رضي الله عنه ولعلمهم أنه أفضل الناس على الإطلاق بعد أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعاً.

فقد روى ابن سعد بإسناده إلى النزال بن سبرة رضي الله عنه قال: (قال عبد الله بن مسعود حين استخلف عثمان: استخلفنا خير من بقي ولم نأله) وفي رواية أخرى قال: (أمرنا خير من بقي ولم نأل) (٧) ولما استشهد الفاروق رضي الله عنه بايع المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون عثمان رضي الله عنه ليكون الخليفة للمسلمين بعد عمر رض الله عنه ولم يتأخر منهم أحد عن بيعته.


(١) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٤/ ٥٨٨).
(٢) رواه أبو نعيم في ((الإمامة والرد على الرافضة)) (ص: ٣٠٦).
(٣) ((ميزان الاعتدال)) (٢/ ٢٧٣).
(٤) ((فتح الباري)) (١٣/ ١٩٨).
(٥) ((فتح الباري)) (١٣/ ١٩٨).
(٦) رواه أبو نعيم في ((الإمامة والرد على الرافضة)) (ص: ٣٠٦).
(٧) ((الطبقات الكبرى)) (٣/ ٦٣). رواه أحمد في ((فضائل الصحابة)) ()، والطبراني (٩/ ١٧٠) (٨٨٦١)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (٧/ ٢٤٤). وقال: مشهور من حديث مسعر، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٩١): [روي] بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>