للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: الترادف بين ألفاظ: الإمام والخليفة وأمير المؤمنين]

والذي يبدو من استعراض الأحاديث الواردة في باب الخلافة والإمامة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين الذين رووها لم يفرقوا بين لفظ خليفة وإمام، ومن بعد تولية عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أضافوا إليها لفظ: أمير المؤمنين - وإلى ذلك ذهب العلماء فجعلوها من الكلمات المترادفة المؤدية إلى معنى واحد فيقول النووي: (يجوز أن يقال للإمام: الخليفة، والإمام، وأمير المؤمنين) (١).

ويقول ابن خلدون: (وإذ قد بيَّنَّا حقيقة هذا المنصب وأنه نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا به تسمى خلافة وإمامة والقائم به خليفة وإمام) اهـ. (٢)، ويعرف ابن منظور الخلافة بأنها الإمارة (٣).

وإلى ذلك ذهب الأستاذ محمد نجيب المطيعي في تكملته (للمجموع) للنووي حيث قال: (الإمامة والخلافة وإمرة المؤمنين مترادفة) (٤) وكذلك الأستاذ محمد رشيد رضا (٥)، ويفسر الشيخ أبو زهرة الترادف بين لفظي الخلافة والإمامة بقوله: (المذاهب السياسية كلها تدور حول الخلافة وهي الإمامة الكبرى، وسميت خلافة لأن الذي يتولاها ويكون الحاكم الأعظم للمسلمين يخلف النبي (٦) -صلى الله عليه وسلم - في إدارة شؤونهم، وتسمى إمامة: لأن الخليفة كان يسمى إمامًا، ولأن طاعته واجبة، ولأن الناس كانوا يسيرون وراءه كما يصلون وراء من يؤمهم الصلاة) (٧) أي يأتمون به، وقد كان الخلفاء هم الذين يتولون إمامة الصلاة خاصة الجمع والأعياد لكن لما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، وضعفت الناحية العلمية عند الخلفاء، أخذوا ينيبون عنهم من يقومون مقامهم في إمامة الصلاة، وخطب الجمع والأعياد.


(١) [١٢٨٨٥])) ((روضة الطالبين)) (١٠/ ٤٩).
(٢) [١٢٨٨٦])) ((مقدمة ابن خلدون)) (ص: ١٩٠)
(٣) [١٢٨٨٧])) ((لسان العرب)) (٩/ ٨٣).
(٤) [١٢٨٨٨])) ((المجموع)) (١٩/ ١٩١).
(٥) [١٢٨٨٩])) ((الخلافة أو الإمامة العظمى)) لمحمد رشيد رضا (ص: ١٠١).
(٦) [١٢٨٩٠])) أجاز الفقهاء تسمية الإمام خليفة بإطلاق، وخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واختلفوا في تسميته خليفة الله، فأجازه بعضهم اقتباسًا من الخلافة العامة التي للآدميين في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ... *البقرة: ٣٠*. قال الطبري في تفسيره (١/ ٤٥٢).: (أي: مني. يخلفني في الحكم بين خلقي. وذلك الخليفة هو آدم، ومن قام مقامه في طاعة الله، والحكم بالعدل بين خلقه ونسب هذا القول إلى ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما). ومنع الجمهور ذلك لأن معنى الآية ليس عليه. قال ابن كثير: (أي قوم يخلف بعضهم بعضا قرنًا بعد قرن، وجيلاً بعد جيل). ((تفسير ابن كثير)) (١/ ٢١٦). قال ابن تيمية في ((منهاج السنة النبوية)) (١/ ١٣٨): (فالمقصود أن الله تعالى لا يخلفه غيره، فإن الخلافة إنما تكون عن غائب، وهو سبحانه شهيد مدبر لخلقه لا يحتاج في تدبيرهم إلى غيره). وذهب الراغب الأصفهاني في ((المفردات)) (ص: ١٥٦) إلى أن: (الخلافة: النيابة عن الغير، إما لغيبة المنوب عنه، وإما لموته، وإما لعجزه، وإما لتشريف المستخلف). وقال: (وعلى هذا الوجه الأخير استخلف الله أولياءه في الأرض ... ). ثم ذكر الآيات الدالة على ذلك.
(٧) [١٢٨٩١])) ((تاريخ المذاهب الإسلامية)) لأبي زهرة (١/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>