للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: عدم فناء الجنة]

يؤمن أهل السنة والجماعة بأن الله عز وجل أعد لعباده المؤمنين جنة عرضها السموات والأرض يدخلها المؤمن فينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت وأنها دار باقية لا تفنى ولا نهاية لها عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود: ١٠٨] .....

-قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله -: (وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى بالكلية، كالجنة ... ) (١).

........ قال الإمامان الحافظان، أبو حاتم وأبو زرعة - رحمهما الله-: (أدركنا العلماء في جميع الأمصار - حجازاً وعراقاً وشاماً ويمناً - فكان من مذهبهم ... الجنة حق والنار حق، وهما مخلوقان لا يفنيان أبداً) (٢).

وقال الإمام أبو إسماعيل الصابوني - رحمه الله - (ويشهد أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان وإنهما باقيتان لا يفنيان أبداً) (٣).

وقال الإمام الحافظ ابن حزم - رحمه الله -: (الجنة حق، والنار حق، وأنهما مخلوقتان مخلدتان هما ومن فهيما بلا نهاية ... كل هذا إجماع من جميع أهل الإسلام، ومن خرج عنه خرج عن الإسلام) (٤).

وغير هؤلاء كثير، ممن نقل الإجماع على أبدية الجنة وعدم فنائها.

ذكر مستند الإجماع على عدم فناء الجنة:

أخبر الله تعالى بأن أهل الجنة خالدون فيها خلوداً مؤبداً، فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [البينة: ٧ - ٨]. وقال تعالى: وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التغابن: ٩] وقال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً [النساء: ١٢٢].

ووصفهم بعدم الخروج من الجنة، فقال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ [الحجر: ٤٧ - ٤٨].

ووصف نعيمهم بعدم الانقطاع، فقال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود: ١٠٨].

وقال تعالى: وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ [الواقعة: ٣٢ - ٣٣].

وفي الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، قال فيؤمر به فيذبح. قال ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [مريم: ٣٩] وأشار بيده إلى الدنيا)) (٥). المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع لمجموعة مؤلفين - بتصرف- ص: ٨٨٤


(١) ((مجموع الفتاوى)) (١٨/ ٣٠٧)؛ ((بيان تلبيس الجهمية)) (١/ ٥٨١).
(٢) ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) للالكائي (١/ ١٩٩).
(٣) ((عقيدة السلف وأصحاب الحديث)) (ص: ٢٦٤).
(٤) ((الدرة فيما يجب اعتقاده)) (ص: ٢٧).
(٥) رواه مسلم (٢٨٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>