للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الخامس: الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر]

ومنهم الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر، وهم الكرام الكاتبون وهؤلاء يشملهم مع ما قبلهم قوله عز وجل: وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً [الأنعام:٦١]، وقال تعالى: فيهم: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:٨٠]، وقال تعالى: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:١٨]؛ فالذي عن اليمين يكتب الحسنات، والذي عن الشمال يكتب السيئات. وقال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار:١٠]، عن علقمة عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الرجل ليتكلمُ بالكلمة مِنْ رضوانِ الله تعالى: ما يظنُّ أَنْ تبلغ ما بلغت، يكتب الله عز وجل له بها رضوانَهُ إلى يومِ يلقاه. وإِنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى: ما يظُنُّ أَنْ تبلغ ما بلغت، يكتب الله تعالى: عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه)) فكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال من الحارث، ورواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه. وقال الترمذي: حسن صحيح (١). وفي (الصحيح) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الله تعالى: تجاوز لي عَنْ أُمَّتي ما حدَّثت به أَنْفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به)) (٢) وفي رواية ((ما لم تعمل أو تكلم به)) (٣) وفيه عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل: إذا همَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة, وإِذَا همَّ بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حَسنة، فإِن عملها فاكتبوها عشراً)) (٤) وفي روايةٍ: ((قال الله عز وجل: إذا همَّ عبدي بحسنةٍ فلم يعملها كتبتها له حسنة، فإن عملها كتبتها عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف, وإذا هَمَّ بسيئةٍ ولم يعملها لم أكتبها عليه، فإِن عملها كتبتها سيئة واحدة)) (٥). وفي أخرى: ((قال الله عز وجل: إذا تحدَّث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنةً ما لم يعمل، فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها. وإذا تحدث بأنْ يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها، فإذا عملها فأنا أكتبها له بمثلها)) (٦). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قالت الملائكة رَبِّ ذاك عبدُك يريدُ أن يعمل سيئة - وهو تعالى: أبْصرُ به - فقال ارقبوه، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإِن تركها فاكتبوها له حسنة، إنما تركها من جرّاي)) (٧). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحسن أحدُكُم إسلامه فكُلُّ حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله عز وجل)) (٨)،


(١) رواه الترمذي (٢٣١٩)، وابن ماجه (٣٩٦٩)، وأحمد (٣/ ٤٦٩) (٨٣٩٢)، والحاكم (١/ ١٠٦). قال الترمذي: حسن صحيح. ووافقه ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (٢١٠). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح. ووافقه الذهبي. وقال البغوي في ((شرح السنة)) (٧/ ٣٣٧)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٢) رواه مسلم (١٢٧) (٢٠١).
(٣) رواه البخاري (٥٢٦٩)، ومسلم (١٢٧) (٢٠٢)، واللفظ له.
(٤) رواه البخاري (٧٥٠١) بلفظ: (إذا أراد)، ومسلم (١٢٨) (٢٠٣).
(٥) رواه مسلم (١٢٨) (٢٠٤).
(٦) رواه مسلم (١٢٩).
(٧) رواه مسلم (١٢٩).
(٨) رواه البخاري (٤٢)، ومسلم (١٢٩) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>