للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- النور, ونور السماوات والأرض]

صفةٌ ذاتيةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالكتاب والسنة، وقد عدَّ بعضهم (النُّور) من أسماء الله تعالى؛ كما سيأتي

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ [النور: ٣٥]

وقوله: وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا [الزمر: ٦٩]

الدليل من السنة:

حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً: ((إنَّ الله تبارك وتعالى خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور؛ اهتدى، ومن أخطأه؛ ضلَّ)) (١)

حديث: ((اللهم لك الحمد؛ أنت نور السَّماوات والأرض، ولك الحمد)) (٢)

قال الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف في كتابه: اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات – كما في (مجموع الفتاوى) موافقاً له -: فعلى المؤمنين خاصتهم وعامتهم قبول كل ما ورد عنه عليه السلام، بنقل العدل عن العدل، حتى يتصل به صلى الله عليه وسلم، وإنَّ مما قضى الله علينا في كتابه، ووصف به نفسه، ووردت السنة بصحة ذلك؛ أن قال: اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ [النور:٣٥]، ثم قال عقيب ذلك: نُورٌ عَلَى نُورٍ [النور:٣٥]، وبذلك دعاه صلى الله عليه وسلم: ((أنت نور السماوات والأرض)) (٣)

وقال شيخ الإسلام: النص في كتاب الله وسنة رسوله قد سمى الله نور السماوات والأرض، وقد أخبر النص أنَّ الله نور، وأخبر أيضاً أنه يحتجب بالنور؛ فهذه ثلاثة أنوار في النص، وقد تقدم ذكر الأول، وأمَّا الثاني؛ فهو في قوله: وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا [الزمر:٦٩] وفي قوله: مَثَلُ نُورِهِ، وفيما رواه مسلم في (صحيحه) عن عبد الله بن عمرو؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله خلق خلقه في ظلمة، وألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور؛ اهتدى، ومن أخطأه؛ ضلَّ)) (٤) (٥)

وقال في موضع آخر: وقد أخبر الله في كتابه أنَّ الأرض تشرق بنور ربها، فإذا كانت تشرق من نوره؛ كيف لا يكون هو نوراً؟ ‍‍! ولا يجوز أن يكون هذا النور المضاف إليه إضافة خلق وملك واصطفاء؛ كقوله: ناقة الله ونحو ذلك؛ لوجوه (وذكرها) اهـ (٦)

تنبيه:

حديث عبد الله بن عمرو لم يروه مسلم في (صحيحه)

وقال ابن القيم: والنور يضاف إليه سبحانه على أحد الوجهين: إضافة صفة إلى موصوفها، وإضافة مفعول إلى فاعله؛ فالأول كقوله تعالى: وَأَشْرَقَتْ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا الآية؛ فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء (٧)

وقال رحمه الله في (النونية) (٨):

وَالنُّورُ مِنْ أسْمائِهِ أيْضاً وَمِنْ ... أَوْصَافِهِ سُبْحَانَ ذِي البُرْهَانِ

قال الهرَّاس في (الشرح): ومن أسمائه سبحانه النور، وهو أيضاً صفة من صفاته، فيقال: الله نور، فيكون اسماً مخبراً به على تأويله بالمشتق، ويقال: ذو نور، فيكون صفة؛ قال تعالى: اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ، وقال: وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا

وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه صلى الله عليه وسلم كان حين يستيقظ من الليل؛ يقول: ((اللهم لك الحمد؛ أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن)) (٩) اهـ

وانظر: (مجموع الفتاوى (٦/ ٣٧٤ - ٣٩٦))، و (مختصر الصواعق المرسلة (٢/ ١٩٢ - ٢٠٦))، و (شرح الشيخ عبد الله الغنيمان لكتاب التوحيد من صحيح البخاري (١/ ١٧٠ - ١٧٧)) صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٣١١


(١) رواه الترمذي (٢٦٤٢)، وأحمد (٢/ ١٧٦) (٦٦٤٤). والحاكم (١/ ٨٤). قال الترمذي: هذا حديث حسن. ووافقه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٥/ ٣١٦). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة وقد احتجا بجميع رواته ثم لم يخرجاه ولا أعلم له علة. ووافقه الذهبي. وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (١٠/ ١٢٨): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.
(٢) رواه البخاري (٦٣١٧)، ومسلم (٧٦٩) واللفظ له. من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (٥/ ٧٣).
(٤) رواه الترمذي (٢٦٤٢)، وأحمد (٢/ ١٧٦) (٦٦٤٤). والحاكم (١/ ٨٤). قال الترمذي: هذا حديث حسن. ووافقه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٥/ ٣١٦). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة وقد احتجا بجميع رواته ثم لم يخرجاه ولا أعلم له علة. ووافقه الذهبي. وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (١٠/ ١٢٨): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح. والحديث لم يروه مسلم.
(٥) ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٣٨٦).
(٦) ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٣٩٢).
(٧) ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (ص٤٥).
(٨) ((القصيدة النونية)) (٢/ ١٠٥).
(٩) رواه البخاري (٦٣١٧)، ومسلم (٧٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>