للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: أحوال الناس يوم القيامة]

(براءة الناس يومئذ بعضهم من بعض) (وانقطعت علائق الأنساب) كما قال تعالى: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ [المؤمنون:١٠١]، وقال تعالى: وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا [المعارج:١٠] الآيات، وقال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ [عبس:٣٤] الآيات، وقال تعالى عن الكافرين: فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [الشعراء:١٠٠ - ١٠١]، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة فليجئ فليأخذ حقه، قال فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً. ومصداق ذلك في كتاب الله فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ [المؤمنون:١٠١]. رواه ابن أبي حاتم (١). وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ الرجل ليقول في الجنّةِ: ما فعل بصديقي فلان؟ وصديقه في الجحيم، فيقول الله تعالى: أخرجوا له صديقه إلى الجنة، فيقول من بقي: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم)) (٢). قال الحسن رحمه الله تعالى: استكثروا من الأصدقاء المؤمنين، فإن لهم شفاعة يوم القيامة. وعن قتادة في قول الله عز وجل: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [عبس:٣٤ – ٣٦] قال: يفر هابيل من قابيل ويفر النبي صلى الله عليه وسلم من أمه، وإبراهيم عليه السلام من أبيه، ولوط عليه السلام من صاحبته، ونوح عليه السلام من ابنه لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:٣٧] يشغله عن شأن غيره. (٣) وفي الحديث (الصحيح) في أمر الشفاعة ((أنه إذا طلب إلى كل من أولي العزم أن يشفع عند الله في الخلائق يقول: نفسي نفسي لا أسألك إلاّ نفسي، حتى إن عيسى بن مريم يقول: لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني)) (٤).

وَارْتَكَمَتْ سَحَائِبُ الأَهْوَالِ ... وَانْعَجَمَ الْبَلِيغُ فِي الْمَقَالِ

وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْقَيُّومِ ... وَاقْتُصَّ مِنْ ذِي الظُّلْمِ لِلْمَظْلُومِ


(١) رواه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) بنحوه (٣/ ٩٥٤)، ورواه الطبري في ((تفسيره)) (٨/ ٣٦٢ - ٣٦٣).
(٢) رواه البغوي في ((تفسيره)) (٦/ ١٢٠) وفيه الوليد بن مسلم وحدّث عن رجل مبهم.
(٣) انظر ((تفسير البغوي)) (٨/ ٣٤٠).
(٤) انظر: ((تفسير ابن كثير)) (٨/ ٣٢٥). وحديث الشفاعة في (الصحيحين) ولكن بلفظٍ مختلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>