للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: أصناف الجن من حيث أصل خلقتهم, وقوتهم]

الجن مختلفون من حيث أصل خلقتهم التي خلقهم الله عليها، فصنف منهم يشبهون الحيات والكلاب وبقية الحيوانات، وصنف يطير في الهواء، وثالث يقيم ويرتحل، فقد روى جبير بن نفير عن أبي ثعلبة الخشني - واسمه جرثوم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجن على ثلاثة: فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وثلث حيات وكلاب، وثلث يحلون ويظعنون)) (١).

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خلق الله الجن ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف كبني آدم، عليهم الحساب والعقاب)) (٢).

فالجن على هذا الأساس متباينون في أصل خلقتهم التي خلقوا عليها، فهم على صور شتى، ولكن هذه الأصناف جميعاً لا تخرج في الدائرة العامة عن كونها مخلوقة من النار، لإخبار القرآن بذلك، قال تعالى: وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ [الحجر: ٢٧].

وقد ذكر أن هناك صنفاً من الجن يقال له الحِنُّ - بالحاء -، قال ابن منظور: (والجن بالكسر: حي من الجن يقال بأن منهم الكلاب السود البهم، وقيل بأن الحن ضرب من الجن وأنشد:

يلعبن أحوالي من حن وجن

وقيل بأنهم سفلة الجن وضعفاؤهم، وأشد مهاصر بن المحل:

أبيت أهوى في شياطين ترن ... مختلف نجواهم جن وحن)

وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (الكلاب من الحن، وهي ضعفة الجن، فإذا غشيتكم عند طعامكم فألقوا لهن، فإن لهن أنفساً) جمع نفس، أي أنها تصيب بأعينها.

وقد قيل بأنهم سموا بالحِنِّ لأنهم كانوا يعيشون في الظلمة فحنوا إلى سطح الأرض.

وأطلقت بعض الأوصاف على الجن لمناسبتها لبعض أصنافهم، وهي في مجملها أوصاف تدور حول المكر والدهاء، والقوة والتبدل من صورة إلى أخرى.

فمن هذه الأوصاف:

أ - العفريت:


(١) رواه الطبراني (٢٢/ ٢١٤) (٥٧٣)، وابن حبان (١٤/ ٢٦) (٦١٥٦)، والحاكم (٢/ ٤٩٥). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ١٣٩): رواه الطبراني ورجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (٧/ ٥٣٦): إسناده جيد رواته أئمة ثقات.
(٢) رواه الحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) (١/ ٢٠٥)، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (٥/ ١٦٣٩) (١٠٨١١)، وابن أبي الدنيا في ((الهواتف)) (١٥٦). من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. قال ابن حبان في ((المجروحين)) (٢/ ٤٥٨): (فيه) يزيد بن سنان يخطئ كثيرا حتى يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الأثبات لا يعجبني الاحتجاج بخبره، وقال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (٤/ ٤٢٨): (فيه يزيد بن سنان ذكر من جرحه).

<<  <  ج: ص:  >  >>