للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى إخباراً عن جن سليمان عليه السلام: قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل: ٣٩]. قال ابن منظور: (العفريت من الرجال: النافذ في الأمر، المبالغ فيه مع خبث ودهاء، والعفريت من الشيء: المبالغ، يقال فلان عفريت نفريت، وعفرية نفرية، وفي الحديث: ((إن الله يبغض العفرية النفرية، الذي لا يرزأ في أهل ولا مال)) (١). قيل هو الداهي الخبيث الشرير) (٢). ومن هذا ما رواه أبو عبيدة بن الجراح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول دينكم نبوءة ورحمة ثم ملك أعفر)) (٣)، أي ملك يساس بالدهاء والمكر.

وعلى هذا فإن العفريت في الآية يراد به القوي الداهية، الذي يقدر على إحضار عرش بلقيس من اليمن إلى أرض فلسطين بقوته ودهائه.

وقد تقدم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن عفريتاً من الجن تفلت عليّ البارحة ليقطع عليّ صلاتي .. )) (٤).

وهذا الوصف إنما يطلق على بعض الجن، إذا أنهم ليسوا جميعاً في مرتبة واحدة، بل فيهم الضعيف كذلك، فعن ابن مسعود قال: (لقي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الجن، فصارعه فصرعه الإنس، فقال له الجني: عاودني، فعاوده، فصرعه الإنسي، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلاً شحيباً، كأن ذريعتيك ذريعتا كلب. فكذلك أنتم معاشر الجن – أو أنت منهم كذلك -؟ قال: لا والله إني منهم لضليع، ولكن عاودني الثالثة، فإن صرعتني علمتك شيئاً ينفعك، فعاوده، فصرعه فقال: هات علمني، قال: هل تقرأ آية الكرسي؟ قال نعم، قال: إنك لن تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج كخبج الحمار، لا يدخله حتى يصبح، قال رجل من القوم: يا أبا عبد الرحمن من ذاك الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال فعبس عبد الله وأقبل عليه وقال: من يكون هو إلا عمر رضي الله عنه) (٥).

ب – الخبل:

وهم الذين يخبلون الناس ويؤونهم، ويقال: رجل مخبل: إذا كان به مس من الجن (٦)، وسيأتي الحديث عن هذا عند الحديث عن صرع الجن للإنس.

ج- الغول:


(١) أورده ابن منظور في ((لسان العرب)) (٤/ ٥٨٣).
(٢) ((لسان العرب)) (٤/ ٥٨٣).
(٣) رواه بنحوه الطيالسي (ص: ٣١)، وأبو يعلى (٢/ ١٧٧) (٨٧٣)، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) (٥/ ١٩٢)، والبيهقي (٨/ ١٥٩) (١٦٤٠٧). قال محمد المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (٤/ ٤٤٣): إسناده جيد، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)): فيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله ثقات، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥/ ٨٤).
(٤) رواه البخاري (٤٦١)، ومسلم (٥٤١). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٥) رواه الطبراني (٩/ ١٦٦) (٨٨٢٦). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٧٣): رجاله رجال الصحيح إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود ولكنه أدركه.
(٦) ((كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية العربية)) (٢/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>