للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثامن: قصور الجنة وخيامها]

يبني الله لأهل الجنة في الجنة مساكن طيبة حسنة كما قال تعالى: وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَناتِ عَدْنٍ [التوبة:٧٢]. وقد سمى الله في مواضع من كتابه هذه المساكن بالغرفات، قال تعالى: وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ [سبأ:٣٧]، وقال في جزاء عباد الرحمن: أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا [الفرقان:٧٥]، وقال تعالى واصفاً هذه الغرفات: لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ [الزمر:٢٠]. قال ابن كثير: أخبر عز وجل عن عباده السعداء أن لهم غرفاً في الجنة وهي القصور أي الشاهقة، مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ [الزمر: ٢٠]، طباق فوق طباق مبنيات محكمات مزخرفات عاليات.

وقد وصف لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه القصور، ففي الحديث الذي يرويه أحمد في (مسنده) وابن حبان في (صحيحه) عن أبي مالك الأشعري والترمذي عن عليٍّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام)) (١) وقد أخبرنا الحق تبارك وتعالى أن في الجنة خياماً، قال تعالى: حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:٧٢]. وهذه الخيام خيام عجيبة، فهي من لؤلؤ، بل هي من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها في السماء ستون ميلاً، وفي بعض الروايات عرضها ستون ميلاً ففي (صحيح البخاري) عن عبدالله بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلاً، في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون) قال أبو عبد الصمد والحارث عن أبي عمران: ((ستون ميلاً)) (٢)

ورواه مسلم عن عبدالله بن قيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلاً ٍ، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن، فلا يرى بعضهم بعضاً)). (٣)


(١) رواه الترمذي (٢٥٢٧). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال: هذا حديث غريب. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن. ورواه أحمد (٥/ ٣٤٣) (٢٢٩٥٦)، وابن حبان (٢/ ٢٦٢). من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه. وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٢١٢٣).
(٢) رواه البخاري (٣٢٤٣).
(٣) رواه مسلم (٢٨٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>