إذا استقرأنا الآيات والمعجزات التي أعطاها الله لرسله وأنبيائه نجدها تندرج تحت ثلاثة أمور: العلم، والقدرة، والغنى (١).
فالإخبار بالمغيبات الماضية والآتية، كإخبار عيسى قومه بما يأكلونه وما يدخرونه في بيوتهم، وإخبار رسولنا صلى الله عليه وسلم بأخبار الأمم السابقة، وإخباره بالفتن وأشراط الساعة التي ستأتي في المستقبل – كل ذلك من باب العلم. وتحويل العصا أفعى، وإبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى، وشقّ القمر وما أشبه هذا – من باب القدرة.
وعصمة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من الناس، وحمايته له ممن أراد به سوءاً، ومواصلته للصيام مع عدم تأثير ذلك على حيويته ونشاطه من باب الغنى. وهذه الأمور الثلاثة: العلم، والقدرة، والغنى، التي ترجع إليها المعجزات لا ينبغي أن تكون على وجه الكمال إلاّ لله تعالى، ولذلك أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالبراءة من دعوى هذه الأمور قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأنعام: ٥٠].
فالرسول صلى الله عليه وسلم يبرأ من دعوى علم الغيب، وملك خزائن الأرض، ومن كونه مَلَكاً مستغنياً عن الطعام والشراب والمال. والرسل ينالون من هذه الثلاثة المخالفة للعادة المطردة، أو لعادة أغلب الناس بقدر ما يعطيهم الله تعالى، فيعلمون من الله ما علمهم إيّاه، ويقدرون على ما أقدرهم عليه، ويستغنون بما أغناهم به. الرسل والرسالات لعمر الأشقر - ص ١٢٣