للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه]

هو أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي (١) يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي وعدد ما بينهما من الآباء سواء (٢) وهو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته، أمه صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى (٣).

قال عروة بن الزبير: أسلم الزبير بن العوام وهو ابن ثمان سنين هاجر وهو ابن ثمان عشرة سنة وكان عم الزبير يعلق الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار ويقول: ارجع إلى الكفر فيقول الزبير: لا أكفر أبداً.

وقال أيضاً: (أسلم الزبير وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين معاً ولم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم) (٤).

فهو -رضي الله عنه- من السابقين الأولين إلى الإسلام، وشهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم وفضائله -رضي الله عنه- كثيرة مشهورة ومنها:

١ - ما رواه البخاري بإسناده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إن لكل نبي حوارياً، وإن حواري الزبير بن العوام)) (٥). وعند مسلم بلفظ: ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم الخندق فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدب الزبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((لكل نبي حواري وحواري الزبير)) (٦).

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((وحواري الزبير)) أي: خاصتي من أصحابي وناصري ومنه الحواريون أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام أي: خلصائه وأنصاره، وأصله من التحوير: التبييض قيل: إنهم كانوا قصّارين يحورون الثياب أي: يبيضونها ... قال الأزهري: الحواريون خلصان الأنبياء وتأويله الذين أخلصوا ونقوا من كل عيب (٧).

فالحواري: هو الناصر المخلص، فالحديث اشتمل على هذه المنقبة العظيمة التي تميز بها الزبير -رضي الله عنه- ولذلك سمع عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- رجلا يقول: أنا ابن الحواري فقال: إن كنت من ولد الزبير وإلا فلا (٨). وقال عبد الله بن عباس: هو حواري النبي صلى الله عليه وسلم وسمي الحواريون لبياض ثيابهم (٩).

وجاء في ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعيني: (فإن قلت: الصحابة كلهم أنصار رسول الله عليه الصلاة والسلام خلصاء فما وجه التخصيص به، قلنا: هذا قاله حين قال يوم الأحزاب: من يأتيني بخبر القوم قال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتيني بخبر القوم فقال: أنا وهكذا مرة ثالثة، ولا شك أنه في ذلك الوقت نصر نصرة زائدة على غيره) (١٠).


(١) ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (٣/ ١٠٠)، ((الاستيعاب لابن عبد البر على حاشية الإصابة)) (١/ ٥٦٠)، ((الإصابة)) (١/ ٥٢٦).
(٢) ((فتح الباري)) (٧/ ٨٠).
(٣) انظر: ((الاستيعاب على حاشية الإصابة)) (١/ ٥٦٠ - ٥٦٥)، ((الإصابة)) (١/ ٥٢٦ - ٥٢٨).
(٤) ((المستدرك للحاكم)) (٣/ ٣٦٠)، وانظر ((طبقات ابن سعد)) (٣/ ١٠٢).
(٥) رواه البخاري (٢٨٤٧).
(٦) رواه مسلم (٢٤١٥). والحديث رواه بلفظه البخاري (٧٢٦١).
(٧) ((النهاية)) لابن الأثير (١/ ٤٥٧ - ٤٥٨).
(٨) رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (٣/ ١٠٦)، وذكره الحافظ في ((الإصابة)) (١/ ٥٢٧).
(٩) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث رقم (٣٥١٢). ووصله ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٦٥٩) (٣٥٦٨)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٦٨/ ٥٩)، بلفظ: إنما سمي الحواريون قال: كانوا صيادين لبياض ثيابهم. وانظر: ((تغليق التعليق)) (٤/ ٧٠).
(١٠) ((عمدة القاري)) (١٦/ ٢٢٣)، وانظر ((تحفة الأحوذي بشرح الترمذي)) (١٠/ ٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>