للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السابع: أمور نهى عنها الشارع مخالفة للكفار]

كان النبي عليه الصلاة والسلام يكره مشابهة أهل الكتابين في ... الآصار والأغلال، وزجر أصحابه عن التبتل، وقال: ((لا رهبانية في الإسلام)) (١)، وأمر بالسحور (٢)، ونهى عن المواصلة (٣)، وقال فيما يعيب أهل الكتابين ويحذر موافقتهم: (فتلك بقاياهم في الصوامع) (٤) وهذا باب واسع جداً. اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية – ص١٦٠

ومما جاء في مخالفتهم الأمر بصبغ الشيب لأن اليهود والنصارى لا يصبغون، والفعل المأمور به إذا عبر عنه بلفظ مشتق من معنى أعم فلابد أن يكون المشتق أمراً مطلوباً.

ولما دل عليه معنى الكتاب: جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين، التي أجمع الفقهاء عليها بمخالفتهم وترك التشبه بهم.

ففي (الصحيحين) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)) (٥) أمر بمخالفتهم، وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمراً مقصوداً للشارع، لأنه: إن كان الأمر بجنس المخالفة حصل المقصود، وإن كان الأمر بالمخالفة في تغيير الشعر فقط - فهو لأجل ما فيه من المخالفة. فالمخالفة: إما علة مفردة، أو علة أخرى، أو بعض علة اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية – ص١٦٥


(١) [١١٤٠])) أورده ابن رجب في ((فتح الباري)) لابن رجب (١/ ١٠٢) عن طاوس مرسلا, وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) لابن حجر (٩/ ١٣): لم أره بهذا اللفظ, وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٤/ ٢٨١): عن طاووس مرفوعا بلفظ: ((لا زمام ولا خزام ولا رهبانية ولا تبتل ولا سياحة في الإسلام)) وهذا إسناد رجاله ثقات، وهو مرسل وقد عزاه في ((الجامع الصغير)) لعبد الرزاق عن طاووس مرسلا, وضعفه في ((ضعيف الجامع)) (٦٢٨٧).
(٢) [١١٤١])) رواه البخاري (١٩٢٣) , ومسلم (١٠٩٥) , من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ((تسحروا فإن في السحور بركة)).
(٣) [١١٤٢])) رواه البخاري (١٩٦٢) , ومسلم (١١٠٢) , من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٤) [١١٤٣])) رواه أبو داود (٤٩٠٤) وأبو يعلى (٦/ ٣٦٥) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه, والحديث سكت عنه أبو داود, وقال ابن تيمية في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (١/ ٢٩٦): له شواهد في الصحيح, وقال ابن القيم في ((الصلاة وحكم تاركها)) (١٢٢): تفرد به ابن أبي العمياء وهو شبه مجهول, وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (٢/ ٩٨): إسناده جيد, وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٦/ ٢٥٩): رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العميا وهو ثقة، وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (٦٢٣٢) , ثم تراجع وصححه, انظر ((جلباب المرأة المسلمة)) (٢٠).
(٥) [١١٤٤])) رواه البخاري (٣٤٦٢) ومسلم (٢١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>