للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تسع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرشيد]

أن المؤمن عندما يدرك اتصافه تعالى بالرشد في قوله وفعله وأمره ونهيه، فإنه يطمع في توفيقه تعالى وهدايته له، فمن هداه فهو وليه ومرشده. وفي الدعاء: (اللهم هب لي من لدنك رحمة وهيأ لي من أمري رشدا).

فسبحان من أرشد الصغار من الأطفال والبهائم إلى المنافع، كالتقام الثدي ومص الضرع، والعنكبوت نسيج تلك البيوت، والنحل لصنعة ذلك الشكل، ... وقس على هذا، فكل موجود في الأرض والسماء جاء على منهج السداد، ومنه سبحانه جاء الرشاد وأعظم الرشاد، إرشاد عباده المؤمنين إلى دينه ودين ملائكته ورسله، وما حوته كتبه ذلك الدين القيم، فعليه أن يحسن معاملة مولاه بما أمره به وعن ما نهاه وهذا غاية الرشد، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته: ((من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يلومن إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً)) (١). فقد بين صلى الله عليه وسلم أن الرشد في طاعة الله، والغي في معصيته، وعليه أن يرشد عباد الله ويهديهم حتى لا يألفوا أعيادهم وهي –أي الأعادي – كل ذات وصفة من الصفات التي تصدهم عن طاعة الله وعبادته وتوقعهم في حبائل العصيان وشهواته. فإذا اتصف بهذه الصفات تسمى عند الله رشيداً، ونال منه حظاً مجيداً، ولله عليه في هذه المنة والفضل كما امتن على إبراهيم فقال: وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ [الأنبياء: ٥١] (٢). منهج الإمام ابن قيم الجوزية في شرح أسماء الله الحسنى لمشرف بن علي الغامدي -بتصرف– ص: ٤٧٤


(١) رواه أبو داود (١٠٩٧)، والبيهقي (٣/ ٢١٥) (٥٥٩٤). من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وصحح إسناده النووي في ((شرح صحيح مسلم)) (٦/ ١٦٠).
(٢) ((الأسنى في شرح الأسماء الحسنى)) للقرطبي (١/ ٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>