للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: أنواع التعطيل في توحيد الله]

ينقسم التعطيل في باب التوحيد إلى ثلاثة أقسام هي:

١ - التعطيل في جانب الربوبية.

٢ - التعطيل في جانب الألوهية.

٣ - التعطيل في جانب الأسماء والصفات.

فالتوحيد كما هو معلوم ضده الشرك، والشرك والتعطيل متلازمان، فكل مشرك معطل, وكل معطل مشرك، لكن الشرك لا يستلزم أصل التعطيل، بل قد يكون المشرك مقراً بالخالق سبحانه وصفاته ولكنه عطل حق التوحيد، وأصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها هو التعطيل (١).

أما القسم الأول: فهو تعطيل جانب الربوبية:

والمقصود به: إنكار وجود الخالق سبحانه وتعالى، ومن صور هذا القسم وأمثلته:

١ - شرك الملاحدة القائلين بقدم العالم وأبديته، وإنه لم يكن معدوماً أصلاً بل لم يزل ولا يزال، والحوادث بأسرها مستندة عندهم إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها يسمونها بالعقول والنفوس (٢).

٢ - شرك طائفة أهل وحدة الوجود الذين يقولون ما ثم خالق ومخلوق، ولا هاهنا شيئان، بل الحق المنزه هو عين الخلق المشبه (٣).

٣ - شرك فرعون إذ قال: قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العَالَمِينَ [الشعراء: ٢٣] وقال تعالى مخبراً عنه أنه قال لهامان: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا [غافر: ٣٧].

القسم الثاني: التعطيل في جانب الألوهية:

قال ابن القيم في تعريفه هو: تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد. ومن صوره: ما يفعله بعض غلاة المتصوفة من إسقاط العبادات عنهم وعن أتباعهم، وزعمهم أن الكمال في فناء العبد عن حظوظه – أي الفناء في توحيد الربوبية – حيث يعلنون أن العارف الذي يشهد هذا المقام (لا يستحسن حسنة, ولا يستقبح سيئة) ويجعلون هذا غاية العرفان (٤).

القسم الثالث: التعطيل في جانب الأسماء والصفات:

وهو: نفي أسماء الله وصفاته أو بعضها. ومن صوره: ما يعتقده غلاة الجهمية والقرامطة الذين لم يثبتوا لله أسماً ولا صفة، فعطلوا أسماء الرب تعالى, وأوصافه, وأفعاله، بل جعلوا المخلوق أكمل منه إذ كمال الذات بأسمائها وصفاتها (٥). مقالة التعطيل والجعد بن درهم لمحمد بن خليفة التميمي– ص: ٢١


(١) ((الجواب الكافي)) (ص: ١٥٣).
(٢) ((الجواب الكافي)) (ص: ١٥٣).
(٣) ((الجواب الكافي)) (ص: ١٥٣).
(٤) ((التصوف وابن تيمية)) للدكتور مصطفى حلمي (ص: ٣٩٠).
(٥) ((الجواب الكافي)) (ص: ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>