للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب العاشر: ريح الجنة]

أما ريحها فأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل قتيلاً من أهل الذمة لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد في مسيرة مائة عام)) (١). وأخرجه البخاري في صحيحه بلفظ: ((ليوجد من مسيرة أربعين عاماً)) (٢).

وأخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ألا من قتل نفساً معاهداً له ذمة الله، وذمة رسوله فقد أخفر بذمة الله فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً)) (٣). قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

قال في (حادي الأرواح): (قال محمد بن عبد الواحد: وإسناده عندي على شرط الصحيح) (٤).

... وقد رواه الطبراني عنه مرفوعاً ((من قتل نفساً معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة، وإن ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام)) (٥) وأخرج عن أبي بكرة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام)) (٦).

قال في (حادي الأرواح): (وهذه الألفاظ لا تعارض بينها بوجه، وقد أخرجا في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: ((لم يشهد عمي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا قال: فشق عليه قال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه, فإن أراني الله مشهداً فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أصنع قال: فهاب أن يقول غيرها. قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال: فاستقبل سعد بن معاذ فقال له أين؟ فقال: واها لريح الجنة أجده دون أحد قال: فقاتلهم حتى قتل قال: فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة، وطعنة، ورمية فقالت أخته: عمتي الربيع بنت النضر: فما عرفت أخي إلا ببنانه، ونزلت هذه الآية مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [الأحزاب: ٢٣] قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه، وفي أصحابه)) (٧) (٨).

قال في (حادي الأرواح) (٩): (وريح الجنة نوعان: ريح يوجد في الدنيا تشمه الأرواح أحياناً لا يدركه العباد، وريح يدرك بحاسة الشم للأبدان كما تشم روائح الأزهار، وغيرها، وهذا يشترك أهل الجنة في إدراكه في الآخرة من قرب وبعد، وأما في الدنيا فقد يدركه من شاء الله من أنبيائه، ورسله، وهذا الذي وجده أنس بن النضر رضي الله عنه يجوز أن يكون من هذا، وأن يكون من الأول). انتهى.

... الظاهر أنه من الثاني؛ لأنه قوله: (لريح الجنة أجده دون أحد، يشير إلى هذا)، فتأمل.


(١) رواه النسائي (٨/ ٢٥) بلفظ: ((أربعين عاما)) بدلاً من ((مائة عام))، والحاكم (٢/ ١٣٧)، والبيهقي (٨/ ١٣٣) (١٦٢٦٠) بلفظ ((ليوجد من كذا وكذا)) بدلاً من ((ليوجد في مسيرة مائة عام)). قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(٢) رواه البخاري (٦٩١٤).
(٣) رواه الترمذي (١٤٠٣). وقال: حسن صحيح، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٥٩٨) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٤) ((حادي الأرواح)) (ص: ١٠٨).
(٥) رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (١/ ٢٠٦) (٦٦٣). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٦/ ٢٩٧): رواه الطبراني في ((الأوسط)) عن شيخه أحمد بن القاسم ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير معلل بن نفيل وهو ثقة، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٢٣٥٦): إسناده على شرط الصحيح.
(٦) رواه الطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (٦/ ٢٩٦) وقال: فيه محمد بن عبد الرحمن العلاف ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
(٧) رواه البخاري (٢٨٠٥)، ومسلم (١٩٠٣).
(٨) ((حادي الأرواح)) (ص: ١٠٩).
(٩) ((حادي الأرواح)) (ص: ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>