للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الأوائل في دخول الجنة]

أن أول من يقرع باب الجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من يدخلها من الأمم أمته.

وأخرج الطبراني عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آتي باب الجنة فأستفتح فيقوم الخازن فيقول: لا أفتح لأحد قبلك, ولا أقوم لأحد بعدك)) (١) وذلك أن قيامه إليه صلى الله عليه وسلم خاصة إظهار المرتبة ومرتبته، ولا يقوم في خدمة أحد بعده, بل خزنة الجنة دونه يقومون في خدمته، وهو كالملك عليهم, وقد أقامه الله في خدمة عبده ورسوله، حتى مشى إليه وفتح الباب.

وأخرجه مسلم في صحيحه عنه بلفظ: ((آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك)) (٢).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أنا أول من يفتح له باب الجنة, إلا أن امرأة تبادرني فأقول لها: ما لك أو ما أنت؟ فتقول: أنا امرأة قعدت على أيتامي)) (٣).

وفي الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((جلس ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرونه, فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون, فسمع حديثهم, فقال بعضهم: عجباً إن لله من خلقه خليلاً اتخذ الله إبراهيم خليلاً, وقال آخر: ماذا بأعجب من كلامه موسى كلمه تكليماً، وقال آخر: فعيسى كلمة الله وروحه, وقال آخر: آدم اصطفاه الله, فخرج عليهم فسلم وقال: سمعت كلامكم وعجبكم إن إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى نجي الله وهو كذلك، وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر)) (٤). قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا فخر) (٥) أي: ولا فخر أعظم من هذا الفخر.

وقال بعضهم: وعندي أن معناه أني لا أقول ذلك افتخاراً واستكباراً بل على سبيل التنويه والتعريف والتذكر بنعم الله تعالى:

قال تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى: ١١].

فما قاله صلى الله عليه وسلم من باب التحدث بالنعم.

نكتة: لا بأس للعالم أن يذكر ما لديه من العلوم على سبيل التنويه ليقصد ويؤخذ عنه ذلك لا على سبيل الافتخار, فإن ذلك مزلة إلى النار, وبم يعجب العاقل وما لديه من العلم ليس من وسعه وقوته, وإنما هو من فضل مولاه ومنته والله أعلم.

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أول الناس خروجاً إذا بعثوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وقائدهم إذا وفدوا، وشافعهم إذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا يئسوا، لواء الحمد بيدي، ومفاتح الجنة يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم يومئذ على ربي ولا فخر, يطوف علي ألف خادم كأنهم اللؤلؤ المكنون)). رواه الترمذي، والبيهقي واللفظ له (٦).


(١) الحديث رواه مسلم (١٩٧)، وأحمد (٣/ ١٣٦) (١٢٤٢٠) ولم أقف عليه من رواية الطبراني. قال شعيب الأرناؤوط محقق ((المسند)): إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) رواه مسلم (١٩٧).
(٣) رواه أبو يعلى (١٢/ ٧) (٦٦٥١)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ٣١٥). وقال: إسناده حسن إن شاء الله.
(٤) رواه الترمذي (٣٦١٦) وقال: غريب، وقال المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (٥/ ١٢٧): [فيه] سلمة بن وهرام ضعفه أبو داود وفيه زمعة بن صالح ضعفه أحمد، وضعفه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٥) ((حادي الأرواح)) (ص: ١٥٩ - ١٦٠).
(٦) رواه الترمذي (٣٦١٠)، والدارمي (١/ ٣٩) (٤٨). ولم أقف على الحديث عند البيهقي. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>