للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: أغلاط جهم]

ذكر شيخ الإسلام ما وقع فيه جهم من الانحراف، في مواضع من كتبه، وذلك لعظم خطرها وضررها وفسادها، ولكونه قد تابعه عليها جماعة كبيرة من المنتسبين إلى أهل السنة، قال: (وأصل جهم في الإيمان تضمن غلطا من وجوه:

منها: ظنه أنه مجرد تصديق القلب ومعرفته، بدون أعمال القلب كحب الله وخشيته ونحو ذلك.

ومنها: ظنه أن من حكم الشرع بكفره وخلوده في النار، فإنه يمتنع أن يكون في قلبه شيء من التصديق، وجزموا بأن إبليس وفرعون واليهود ونحوهم لم يكن في قلوبهم شيء من ذلك) (١).

وقال: (وقد ذكرنا فيما تقدم أنهم غلطوا في ثلاثة أوجه:

أحدها: ظنهم أن الإيمان الذي في القلب يكون تاما بدون العمل الذي في القلب، تصديق بلا عملٍ للقلب كمحبة الله وخشيته وخوفه والتوكل عليه والشوق إلى لقائه.

والثاني: ظنهم أن الإيمان الذي في القلب يكون تاما بدون العمل الظاهر، وهذا يقول به جميع المرجئة.

والثالث: قولهم: كل من كفَّره الشارع فإنما كفره لانتفاء تصديق القلب بالرب تبارك وتعالى.

وكثير من المتأخرين لا يميزون بين مذاهب السلف وأقوال المرجئة والجهمية لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم، ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية والمرجئة في الإيمان، وهو معظِّم للسلف وأهل الحديث، فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله وكلام السلف) (٢).

وقال: (ومن كان موافقا لقول جهم في الإيمان بسبب انتصار أبي الحسن لقوله في الإيمان، يبقى تارة يقول بقول السلف والأئمة، وتارة يقول بقول المتكلمين الموافقين لجهم، حتى في مسألة سب الله ورسوله، رأيت طائفة من الحنبليين والشافعيين والمالكيين إذا تكلموا بكلام الأئمة قالوا: إن هذا كفر باطنا وظاهرا. وإذا تكلموا بكلام أولئك قالوا: هذا كفر في الظاهر وهو في الباطن يجوز أن يكون مؤمنا تام الإيمان، فإن الإيمان عندهم لا يتبعض) (٣). الإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل وكشف شبهات المعاصرين لمحمد بن محمود آل خضير – ١/ ٢١٤.


(١) ((مجموع الفتاوى)) (١٠/ ٧٤٩)، وانظر: (٧/ ٥٨٢ - ٥٨٤)، فقد ذكر فيها ستة أغلاط من أغلاطهم، وانظر: (٧/ ١٩٠) واكتفى فيها بذكر أصلين مما غلطت فيه الجهمية.
(٢) ((مجموع الفتاوى)) (٧/ ٣٦٣) وما بعدها.
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٧/ ٤٠٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>