وقول من قال صفات الله لا تتفاضل ونحو ذلك قول لا دليل عليه بل هو مورد النزاع ومن الذي جعل صفته التي هي الرحمة لا تفضل على صفته التي هي الغضب وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله كتب في كتاب موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبى وفي رواية تسبق غضبى وصفة الموصوف من العلم والإرادة والقدرة والكلام والرضا والغضب وغير ذلك من الصفات تتفاضل من وجهين:
أحدهما: أن بعض الصفات أفضل من بعض وأدخل في كل الموصوف بها فإنا نعلم أن اتصاف العبد بالعلم والقدرة والرحمة أفضل من اتصافه بضد ذلك لكن الله تعالى لا يوصف بضد ذلك ولا يوصف إلا بصفات الكمال وله الأسماء الحسنى يدعى بها فلا يدعى إلا بأسمائه الحسنى وأسماؤه متضمنة لصفاته وبعض أسمائه أفضل من بعض وأدخل في كمال الموصوف بها ولهذا في الدعاء المأثور أسألك باسمك العظيم الأعظم الكبير الأكبر ولقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى وأمثال ذلك فتفاضل الأسماء والصفات من الأمور البينات والثاني: أن الصفة الواحدة قد تتفاضل فالأمر بمأمور يكون أكمل من الأمر بمأمور آخر والرضا عن النبيين أعظم من الرضا عمن دونهم والرحمة لهم أكمل من الرحمة لغيرهم وتكليم الله لبعض عباده أكمل من تكليمه لبعض وكذلك سائر هذا الباب وكما أن أسماءه وصفاته متنوعة فهي أيضا متفاضلة كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع مع العقل وإنما شبهة من منع تفاضلها من جنس شبهة من منع تعددها وذلك يرجع إلى نفي الصفات كما يقوله الجهمية لما ادعوه من التركيب. مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - ١٧/ ٢١١