للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأصل السادس: قول أهل السنة إنا لا نكفر بالذنب، إنما يراد به المعاصي لا المباني]

قال شيخ الإسلام: (نحن إذا قلنا: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي: كالزنا والشرب.

وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور، وعن أحمد في ذلك نزاع، وإحدى الروايات عنه: أنه يكفر من ترك واحدة منها، وهو اختيار أبي بكر وطائفة من أصحاب مالك، كابن حبيب.

وعنه رواية ثانية: لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط.

ورواية ثالثة: لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة إذا قاتل الإمام عليها.

ورابعة: لا يكفر إلا بترك الصلاة.

وخامسة: لا يكفر بترك شيء منهن.

وهذه أقوال معروفة للسلف.

قال الحكم بن عتيبة: (من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمداً فقد كفر، ومن ترك الحج متعمداً فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمداً فقد كفر).

وقال سعيد بن جبير: (من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر بالله، ومن ترك الزكاة متعمداً فقد كفر بالله، ومن ترك صوم رمضان متعمداً فقد كفر بالله).

وقال الضحاك: (لا ترفع الصلاة إلا بالزكاة) (١).

وقال عبدالله بن مسعود: (من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له)، رواه أسد بن موسى (٢).

وقال عبدالله بن عمرو: (من شرب الخمر ممسياً أصبح مشركاً، ومن شربه مصبحاً أمسى مشركاً، فقيل لإبراهيم النخعي: كيف ذلك؟ قال: لأنه يترك الصلاة) (٣).

وبهذا يعلم أن من قال بكفر تارك أحد المباني الأربعة لم يخرج من أقوال أهل السنة، وإن كنا نرى أن قوله قول مرجوح في غير الصلاة، والله أعلم. براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة لمحمد بن سعيد الكثيري – ص: ٩٩


(١) ((الأموال)) لابن زنجويه (١٠٦٤).
(٢) رواه الطبراني (٩/ ١٩٩) (٨٩٧٤).
(٣) انظر هذه الآثار الحديثية والروايات الفقهية في ((الإيمان)) لابن تيمية (ص: ٢٨٧ - ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>