للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- السرعة]

صفةٌ فعليَّةٌ اختياريةٌ ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة الصحيحة.

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [البقرة: ٢٠٢، النور: ٣٩].

وقوله: إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ [الأنعام: ١٦٥].

الدليل من السنة:

حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: أتهب المرأة نفسها؟! فلما أنزل الله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ؛ قلت: ما أرى ربَّك إلا يسارع في هواك)) (١).

حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن الله قال: إذا تلقَّاني عبدي بشبر؛ تلقيته بذراع، وإذا تلقاني بذراع؛ تلقيته بباع، وإذا تلقاني بباع؛ جئته أتيته بأسرع)) (٢).

قال ابن جرير في تفسير الآية ٢٠٢ من سورة البقرة: وإنما وصف جَلَّ ثناؤه نفسه بسرعة الحساب لأنه جَلَّ ذكره يحصي ما يحصي من أعمال عباده بغير عقد أصابع، ولا فكرٍ، ولا روية، فِعْلَ العجزةِ الضَّعَفة من الخلق، ولكنه لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يعزُب عنه مثقالُ ذرة فيهما، ثم هو مجازٍ عباده على كلِّ ذلك، فلذلك جَلَّ ذكره أُمْتُدِحَ بسرعة الحساب.

وقال أيضاً: القولُ في تأويل قوله تعالى: الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [غافر: ١٧] إن الله ذو سرعة في محاسبة عباده يومئذٍ على أعمالهم التي عملوها في الدنيا.

وقال الشوكاني في (فتح القدير) في تفسير آية البقرة السابقة: والمعنى أن حسابه لعباده في يوم القيامة سريعٌ مجيئه فبادروا ذلك بأعمال الخير، أو أنه وصف نفسه بسرعة حساب الخلائق على كثرة عددهم، وأنه لا يشغله شأنٌ عن شأنٍ فيحاسبهم في حالة واحدة.

وقال أيضاً في تفسير قوله تعالى وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [الرعد: ٤١]: وهو سريع الحساب فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته على السرعة.

وقد عدَّ الحافظ أبو عبد الله بن منده رحمه الله (السريع) من أسماء الله في كتابه، مستشهداً بحديث أبي هريرة السابق، ووافقه عليه محقق الكتاب (٣)، وفي ذلك نظرٌ كبيرٌ، ولكن عدُّهما له اسماً يتضمن أنه صفة عندهما.

فالله عَزَّ وجَلَّ سريعٌ في حسابه، سريعٌ عقابه، سريعٌ في إتيانه ومجيئه، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ سبحانه. صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص١٧١


(١) رواه البخاري (٤٧٨٨)، ومسلم (١٤٦٤).
(٢) رواه مسلم (٢٦٧٥) (٣).
(٣) ((التوحيد)) (٢/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>