للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الفرح]

صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالأحاديث الصحيحة

الدليل:

حديث: ((لله أفرح بتوبة عبده - وفي لفظٍ - أشد فرحاً)) (١)

قال أبو إسماعيل الصابوني: وكذلك يقولون في جميع الصفات (أي: الإثبات) التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والفرح والضحك وغيرها اهـ (٢)

وقال الشيخ محمد خليل الهرَّاس في شرحه للعقيدة الواسطية عند شرحه لهذا الحديث: وفي هذا الحديث إثبات صفة الفرح لله عَزَّ وجلَّ، والكلام فيه كالكلام في غيره من الصفات؛ أنه صفة حقيقية لله عَزَّ وجلَّ، على ما يليق به، وهو من صفات الفعل التابعة لمشيئته تعالى وقدرته، فيحْدُث له هذا المعنى المعبَّر عنه بالفرح عندما يُحدِثُ عبدُهُ التوبةَ والإنابَةَ إليه، وهو مستلزمٌ لرضاه عن عبده التائب، وقبوله توبته وإذا كان الفرح في المخلوق على أنواع؛ فقد يكون فرح خفة وسرور وطرب وقد يكون فرح أشر وبطرٍ؛ فالله عَزَّ وجلَّ مُنَزَّه عن ذلك كله، ففرحهُ لا يشبه فرح أحد من خلقه؛ لا في ذاته، ولا في أسبابه، ولا في غاياته؛ فسببه كمال رحمته وإحسانه التي يحب من عباده أن يتعرَّضوا لها، وغايته إتمام نعمته على التائبين المنيبين وأما تفسير الفرح بلازمه، وهو الرضى، وتفسير الرضى بإرادة الثواب؛ فكل ذلك نفيُ وتعطيلٌ لفرحه ورضاه سبحانه، أوجبه سوءُ ظنِّ هؤلاء المعطِّلة بربهم، حيث توهَّموا أن هذه المعاني تكون فيه كما هي في المخلوق، تعالى الله عن تشبيههم وتعطيلهم اهـ (٣)

وممَّن أثبت صفة (الفرح) من السلف: الدارمي، وابن قتيبة، وأبو يعلى الفراء انظر: صفة (البشبشة)

وانظر كلام البغوي في صفة (الأصابع) وكلام ابن كثير في صفة (السمع) صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٢٣٤


(١) رواه البخاري (٦٣٠٨)، ومسلم (٢٧٤٤) بلفظ: ((لله أشد فرحا)). من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. والحديث روي بألفاظ متقاربة عن أبي هريرة، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، والنعمان بن بشير رضي الله عنهم أجمعين.
(٢) ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) (ص٥).
(٣) ((شرح العقيدة الواسطية)) (١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>