دعا صالح قومه إلى عبادة الله الواحد الأحد وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ [النمل: ٤٥]، فكذبوه وطلبوا منه آية تدل على صدقه قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الشعراء: ١٥٣ - ١٥٤].
يقول ابن كثير:(ذكر المفسرون أنّ ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم، فجاءهم رسول الله صالح، فدعاهم إلى الله، وذكرهم، وحذّرهم، ووعظهم، وأمرهم، فقالوا له: إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة – وأشاروا إلى صخرة هناك – ناقة، من صفتها كيت وكيت، وذكروا أوصافاً سموها، ونعتوها، وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء طويلة، من صفتها كذا وكذا.
فقال لهم نبيهم صالح عليه السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم أتؤمنون بما جئت به، وتصدقوني بما أرسلت به؟ قالوا: نعم، فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك، ثمّ قام إلى مصلاه فصلّى لله – عز وجل – ما قدّر له، ثم دعا ربّه – عزّ وجل – أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء على الوجه الذي طلبوا، أو على الصفة التي نعتوا. فلما عاينوها كذلك رأوا أمراً عظيماً، ومنظراً هائلاً، وقدرة باهرة، ودليلاً قاطعاً، وبرهاناً ساطعاً، فآمن كثير منهم، واستمرَّ أكثرهم على كفرهم (١)، وقد ذكر الله استجابته لطلبهم الآية قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ [الشعراء: ١٥٥]، قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ) [الأعراف: ٧٣]، وقد أخبر الله أنها كانت آية واضحة بينة لا خفاء فيها، ولذا سماها مبصرة وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً [الإسراء: ٥٩]. الرسل والرسالات لعمر الأشقر - ص ١٢٥