للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى: تعريف التعطيل لغةً

التعطيل لغة مأخوذ من مادة (عطل):

قال ابن فارس: (عطل) العين والطاء واللام أصل صحيح واحد يدل على خلو وفراغ؛ تقول عطلت الدار، ودار معطلة. ومتى تركت الإبل بلا راع فقد عطلت، وكذلك البئر إذا لم تورد ولم يستق منها.

قال الله تبارك وتعالى: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ [الحج: ٤٥] وقال تعالى: وَإِذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ [التَّكوير: ٤]، وكل شيء خلا من حافظ فقد عطل، من ذلك تعطيل الثغور وما أشبهها، ومن هذا الباب العَطَل وهو العُطُول، يقال امرأة عاطل، إذا كانت لا حلي لها، والجمع عواطل، وقوس عُطُلٌ: لا وتر عليها، وخيل أعطال: لا قلائد لها (١).

وقال الخليل بن أحمد: (امرأة عاطل بغير هاء: لا حلي عليها وقوس عُطُل: لا وتر عليها، والأعطال من الخيل التي لا أرسان عليها، وإذا ترك الثغر بلا حام يحميه فقد عطل، والمواشي إذا أهملت بلا راع فقد عطلت، وكذلك الرعية إذا لم يكن لها وال يسوسها فهم معطلون، وقد عطلوا: أي أهملوا، وبئر معطلة لا يستقى منها ولا ينتفع بمائها، وتعطيل الحدود ألا تقام على من وجبت عليه، وعطلت الغلات والمزارع إذا لم تعمر ولم تحرث، وسمعت العرب تقول فلان ذو عطلة إذا لم تكن له صنعة يمارسها، ودلو عَطِلّة إذا تَقَطع وذَمُها فتعطلت من الاستقاء بها) (٢).

وقال ابن سيده: (التعطيل: التَّفريغ، وعطّل الدار: أخلاها، وكل ما ترك ضياعاً مُعَطَّلٌ ومُعْطَل) (٣).

فمن خلال هذه النقول عن بعض كبار أئمة اللغة يتضح لك أن مدار كلمة التعطيل في اللغة على الخلو والفراغ والترك، وهذا ما فسر به بعض السلف قوله تعالى: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ.

قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها: (التي تركت) (٤).

وقال قتادة: (أعطلها أهلها، وتركوها) (٥).

وكذا قوله تعالى: وَإِذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ قال أبي بن كعب: (إذا أهملها أهلها) (٦)، وقال مجاهد: (سيبت وتركت) (٧).

وهذه المعاني اللغوية للتعطيل هي المستعملة في الاصطلاح. مقالة التعطيل والجعد بن درهم لمحمد بن خليفة التميمي– ص: ١٦


(١) ((معجم مقاييس اللغة)) (٤/ ٣٥١).
(٢) ((تهذيب اللغة)) (٢/ ١٦٥).
(٣) ((المحكم)) (١/ ٣٣٨، ٣٣٩).
(٤) ((تفسير الطبري)) (١٧/ ١٨٠).
(٥) ((تفسير الطبري)) (١٧/ ١٨٠).
(٦) ((تفسير الطبري)) (٣٠/ ٦٦).
(٧) ((تفسير الطبري)) (٣٠/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>