للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الأول: كونه منكراً

المنكر كل أمر نهى عنه الشارع الحكيم سواء أكان هذا الأمر محرما أم مكروهاً وكل ما كان محذوراً في الشرع.

وكلمة منكر أعم من قولنا معصية فتطلق على كل فعل فيه مفسدة أو نهت عنه الشريعة. وإن كان لا يعتبر معصية في حق فاعله، إما لصغره، أو جنونه ولهذا إذا زنا المجنون أو هم بفعل الزنا أو شرب الصبي الخمر كان ما فعلاه منكراً يستحق الإنكار وإن لم يعتبر معصية في حقهما لفوات شرط التكليف وهو البلوغ في الأول والعقل في الثاني (١) بل إن الفعل الذي يخالف ما تعارف عليه المسلمون ولم يكن فيه نص صريح من حيث الكراهة والقبح يكون فيه الاحتساب؛ لأن عرف المسلمين يتفق –في الغالب- مع قواعد الشريعة فلو أن إنساناً جاء إلى المسجد للصلاة وقد لبس إزاراً من السرة إلى الركبة ووضع على عاتقه شيئاً يسيراً فقط فإن هذا ينكر عليه فعله ولو لم يكن محرماً؛ لأن فعله مخالف لعرف المسلمين؛ ولأن الطباع السليمة المسلمة تنفر من ذلك؛ ولأنه بفعله عرض نفسه لحديث الناس والوقوع في عرضه.

وكذلك الحال لمن لبس من الرجال الثياب الضيقة أو الخفيفة التي تحدد العورة وتصف البشرة، أو إطالة الشعر لا لقصد السنة وإنما اقتداء بالغرب والمنحرفين فإن مثل ذلك يعتبر منكراً، لأن فيه نوعاً من التشبه بالفساق وأعداء الله.

ويندرج في المنكر جميع المنكرات سواء أكانت من صغائر الذنوب أم من كبائرها، وسواء أكانت تتعلق بحق الله تعالى أم بحق الآدميين.

ولكن يجب أن نعرف بأن الذي يملك الحكم عليه بأنه منكر أو غير منكر (الشرع). لأن هذا الوصف حكم شرعي. والحاكم حقيقة هو الله سبحانه إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ [يوسف: ٦٧] فليس هناك مجال للعواطف والأهواء والأغراض. ودور العلماء في ذلك هو استنباط الحكم الشرعي من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والقواعد المستوحاة منهما. ومن ثم الحكم على هذا الأمر بأنه منكر أو غير منكر (٢). الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعبد العزيز بن أحمد المسعود – ص ٢١١


(١) انظر ((إحياء علوم الدين)) م٣ (٧/ ٣٥، ٣٦). وانظر ((أصول الدعوة)) عبد الكريم زيدان (ص: ١٧٩).
(٢) انظر: ((أصول الدعوة)) عبد الكريم زيدان (ص: ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>