للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - التبرك بذكر الله]

بما أن حقيقة البركة ثبوت الخير ودوامه، وكثرة الخير وزيادته، وأن الخير كله الديني والدنيوي في يدي الله سبحانه وتعالى. ..... فلا تطلب البركة إلا منه تبارك وتعالى، أو مما أودع هو فيه البركة، وعلى الوجه المشروع، فإن من وسائل طلب البركة منه سبحانه وتعالى التبرك بذكره عز وجل.

وذكر الله سبحانه وتعالى يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضل منه ما كان بالقلب واللسان جميعاً، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل (١)، لأن ذكر القلب يثمر المعرفة، ويثير المحبة والحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة (٢). التبرك أنواعه وأحكامه لناصر بن عبد الرحمن الجديع – ص: ٢٠٣

بركات الذكر وفضائله:

لذكر الله تعالى فضائل عظيمة وبركات كثيرة، دينية ودنيوية.

(أ) فمن البركات الدنيوية ما يأتي:

١ - اطمئنان القلب وزوال الخوف عنه، كما قال تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ [الرعد: ٢٨].

٢ - الذكر يعطي الذاكرة قوة، حتى أنه ليفعل مع الذكر ما لا يطيق فعله بدونه.

وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة وعلياً رضي الله تعالى عنهما أن يسبحا كل ليلة إذا أخذا مضاجعهما ثلاثاً وثلاثين، ويحمدا ثلاثاً وثلاثين، ويكبرا أربعاً وثلاثين، لما سألته الخادم، وشكت إليه ما تقاسيه من الطحن والسعي والخدمة، فعلمها ذلك وقال: ((فهو خير لكما من خادم)) (٣).

فقيل: إن من داوم على ذلك وجد قوة في بدنه مغنية عن خادم (٤).

وذكر ابن القيم رحمه الله أن كلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) لها تأثير عجيب في معاناة الأشغال الصعبة، وتحمل المشاق. وأورد شواهد على ذلك (٥).

٣ - من منافع الاستغفار الدنيوية ما جاء في قول الله تعالى في سورة نوح اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا [نوح: ١٠ - ١٢]. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب)) (٦).

٤ - من بركات الذكر الدنيوية الرقية باسم الله تعالى، وبالأذكار الشرعية للاستشفاء والعلاج ...

(ب) ومن البركات الدينية ما يأتي:

١ - مغفرة الذنوب ومضاعفة الأجر.

والأحاديث في هذا كثيرة جداً، أنقل منها ما يأتي:

في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)) (٧).


(١) من كتاب ((الأذكار)) للنووي (ص: ٦).
(٢) ((الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب)) للإمام ابن القيم (ص: ١٩٠).
(٣) رواه البخاري (٣٧٠٥) , ومسلم (٢٧٢٧).
(٤) ((الوابل الصيب)) لابن القيم (ص: ١٦٤، ١٦٥) باختصار.
(٥) ((الوابل الصيب)) لابن القيم (ص: ١٦٥، ١٦٧).
(٦) رواه أبو داود (١٥١٨) وابن ماجه (٣٨١٩) قال البغوي في ((شرح السنة)) (٣/ ١٠٠): يرويه الحكم بن مصعب بإسناده، وهو ضعيف، وضعفه الألباني في ((ضعيف ابن ماجه)) (٧٦٨).
(٧) رواه البخاري (٦٤٠٥)، ومسلم (٢٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>