[٢ - تبرك بدعي:]
وهو التبرك بما لم يرد دليل شرعي يدل على جواز التبرك به، معتقداً أن الله جعل فيه بركة، أو التبرك بالشيء الذي ورد التبرك به في غير ما ورد في الشرع التبرك به فيه.
وهذا بلا شك محرم؛ لأن فيه إحداث عبادة لا دليل عليها من كتاب أو سنة، ولأنه جعل ما ليس بسبب سبباً، فهو من الشرك الأصغر؛ ولأنه يؤدي إلى الوقوع في الشرك الأكبر تسهيل العقيدة الإسلامية لعبد الله بن عبد العزيز الجبرين - ص: ٢٨٩
أنواع التبرك البدعي
النوع الأول: التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
الذي بقي من التبرك بعد وفاته أمران فقط هما:
١ - الإيمان به وطاعته واتباعه.
ومن المعلوم أن هذا واجب على المكلفين، وأن من أداه سيحصل على الخير العظيم والأجر الجزيل، وعلى سعادة الدارين، وهذا ما يسمى بالبركات المعنوية للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنعم بذلك من فضل وخير.
٢ - التبرك بآثاره الحسية المنفصلة منه صلى الله عليه وسلم ...
وعلى هذا فما عدا ذلك من صيغ التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير مشروع، بل هو ممنوع.
هذا وإن مما تتحتم معرفته هنا أنه مع وجوب اعتقاد عظم شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته، وعموم بركته حياً وميتاً، ومع عظم محبة الناس له صلى الله عليه وسلم، إلا أن هذا يجب أن لا يؤدي إلى رفعه فوق منزلته، أو الغلو في محبته، كما يظهر مثلاً في ممارسات التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم غير المشروع.
كما ينبغي أن يعلم أيضاً أن منع التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأحوال، لا يعني انتقاص حقه أو التقليل من شأنه صلى الله عليه وسلم. التبرك أنواعه وأحكامه لناصر بن عبد الرحمن الجديع – بتصرف - ص: ٣١٧
أ- مظاهر التبرك الممنوع بقبره صلى الله عليه وسلم:
تشرع زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بدون شد الرحال إليه، وأن فاعل ذلك يثاب عليه كما يثاب على زيارة القبور، إلا أن هذه الزيارة لابد أن تكون على الوجه المشروع كما سلف إيضاحه.
ولكن بعض الزائرين لقبره عليه الصلاة والسلام لم يكتفوا بالزيارة الشرعية، بل أحدثوا بدعا وأموراً، بحجة التماس البركة والخير والأجر، ونحو ذلك.
ولا شك أن ذلك ممنوع من جهة الشرع، كما سيأتي توضيحه بإذن الله. ويمكن بيان أبرز مظاهر ذلك التبرك الممنوع بقبره صلى الله عليه وسلم فيما يلي:
١ - طلب الدعاء أو الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم عند قبره:
إن هذا العمل من أنواع التوسل غير المشروع بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإن التوسل مشروع ونافع في حياته صلى الله عليه وسلم فقط، وبشفاعته يوم القيامة.
أما طلب ذلك بعد وفاته، عند قبره، أو غير قبره صلى الله عليه وسلم، كأن يقول الشخص: يا رسول الله استغفر الله لي، ادع الله أن يغفر لي، أو يهديني، أو ينصرني، فهذا وما يشبهه من البدع المحدثة التي لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين، وليست واجبة ولا مستحبة باتفاقهم، وكل بدعة ليست واجبة ولا مستحبة فهي بدعة سيئة، وهي ضلالة باتفاق المسلمين (١).
(١) من كتاب ((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)) لابن تيمية (ص: ١٤ - ٢١) بتصرف واختصار.