للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - فضل رقية رضي الله عنها]

هي رقية بنت خير الخلق وسيد البشر صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمية وأمها خديجة بنت خويلد كانت ولادتها سنة ثلاث وثلاثين من مولد أبيها صلى الله عليه وسلم (١).

قال ابن عبد البر: (لا أعلم خلافاً أن زينب أكبر بناته صلى الله عليه وسلم واختلف فيمن بعدها منهن ذكر أبو العباس محمد بن إسحاق السراج قال: سمعت عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر بن سليمان الهاشمي قال: ولدت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثلاثين سنة، وولدت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثلاث وثلاثين سنة) (٢).

وكانت رضي الله عنها قبل الهجرة تحت عتبة بن أبي لهب، وكانت أختها أم كلثوم تحت عتيبة بن أبي لهب فلما نزلت تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد: ١] قال لهما أبوهما أبو لهب وأمهما حمالة الحطب: (فارقا ابنتي محمد) وقال أبو لهب: (رأسي من رأسيكما حرام إن لم تفارقا ابنتي محمد ففارقاهما) (٣).

وقد أبدلها الله عز وجل بزوج من السابقين الأولين إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد جاء عن قتادة رضي الله عنه أنه قال: (كانت رقية عند عتبة بن أبي لهب فلما أنزل الله تبارك وتعالى تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [المسد: ١] سأل النبي صلى الله عليه وسلم عتبة طلاق رقية وسألته رقية ذلك فطلقها، فتزوج عثمان بن عفان رضي الله عنه رقية وتوفيت عنده) (٤).

وقد تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه بمكة وهاجرا إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك ابنا سماه عبد الله فكان يكنى به ومات وهو صغير، وقيل مات في جمادى الأولى سنة أربع وهو ابن ست سنين نقره ديك في عينه فتورم وجهه ومرض ومات (٥).

وقد وردت في فضائلها طائفة من الأحاديث والآثار منها:

١ - ما رواه الحاكم بإسناده إلى عروة في تسمية الذين خرجوا في المرة الأولى إلى الحبشة قبل خروج جعفر وأصحابه عثمان بن عفان مع امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (٦). ففي هذا منقبة ظاهرة لرقية وزوجها عثمان رضي الله عنهما إذ شرفوا بفضل الهجرة الأولى.

٢ - ومن فضائلها أنها لما مرضت رضي الله عنها أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها عثمان بن عفان أن يتخلف عن غزوة بدر لتمريضها.

فقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر قال: وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه)) (٧).

وفي ذلك منقبة عظيمة ومنزلة رفيعة لرقية رضي الله عنها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أنه أذن لعثمان في أن يتأخر عن غزوة بدر التي هي أول معركة فاصلة بين جيش الإيمان وجيش الكفر، لتمريضها رضي الله عنها وضرب له بسهمه في الغنيمة وأجره عند الله كمن حضر الغزوة، إكراماً لها وتعظيماً لشأنها رضي الله عنها.

وقد كانت وفاتها يوم بدر في السنة الثانية من الهجرة قال ابن عبد البر: (وأما وفاة رقية فالصحيح في ذلك أن عثمان تخلف عليها بأمر رسول الله، وهي مريضة في حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر وتوفيت يوم وقعة بدر ودفنت يوم جاء بن حارثة بشيراً بما فتح الله عليهم ببدر) (٨).

وقال ابن كثير عند ذكره لبنات النبي صلى الله عليه وسلم: (وماتت رقية ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر، ولما قدم زيد بن حارثة بالبشارة وجدهم قد ساووا التراب عليها، وكان عثمان قد أقام عندها يمرضها فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره) (٩).

فرضي الله عنها وأرضاها وبما تقدم يتبين فضلها ومنزلتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) ((الاستيعاب)) (ص: ٥٩٤).
(٢) ((الاستيعاب)) (٤/ ٢٩٢).
(٣) ((الطبقات)) لابن سعد (٨/ ٣٦) و ((السير)) للذهبي (٢/ ٢٥١) و ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (٩/ ٢١٦ - ٢١٧).
(٤) رواه الطبراني (٢٢/ ٤٣٤) (١٨٩٠٨). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٢١٩): إسناده حسن.
(٥) انظر ((الطبقات)) لابن سعد (٨/ ٣٦ - ٣٧) و ((المستدرك)) للحاكم (٤/ ٤٦ - ٤٧) و ((السير)) للذهبي (٢/ ٢٥٠ - ٢٥١) و ((الإصابة)) (٤/ ٢٩٧ - ٢٩٨).
(٦) ((المستدرك)) (٤/ ٤٦).
(٧) رواه البخاري (٣١٣٠).
(٨) ((الاستيعاب)) (٤/ ٢٩٤).
(٩) ((البداية والنهاية)) (٥/ ٢٥٦) وانظر: ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (٨/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>