للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: الأدلة على فضله من القرآن الكريم]

١ - قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [آل عمران: ١١٠].

سبب نزولها: قال عكرمة ومقاتل: نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة -رضي الله عنهم- وذلك أن مالك بن الضيف ووهب بن يهوذا قالا: نحن أفضل منكم وديننا خير مما تدعونا إليه. فأنزل الله هذه الآية (١).

من المخاطب بهذه الآية؟ قال ابن عباس -رضي الله عنهما- هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وقال الضحاك: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة الرواة والدعاة الذين أمر الله بطاعتهم (٢).

وقال الحسن البصري ومجاهد وجماعة: الخطاب لجميع الأمة (٣).

وهذا القول هو الراجح -والله أعلم- فالخطاب يشمل جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم وذلك للمرجحات التالية:

أ- أن الآية عامة وليس فيها تخصيص صريح يقيدها بالصحابة أو بطائفة منهم.

ب- النصوص الواردة في الكتاب والسنة والتي تبين فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم، منها:

١ - قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة: ١٤٣].

قال القرطبي - رحمه الله - وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطاً، أي دون الأنبياء وفوق الأمم، والوسط العدل (٤).

وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الوسطية بالعدل فقد.

٢ - ورد عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: ١٤٣].

قال (عدلاً) (٥).

٣ - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيقال لأمته: هل بلغكم فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، ويشهدون أنه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيداً فذلك قوله جل ذكره وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (٦).

٤ - وقوله صلى الله عليه وسلم ((نحن الآخرون السابقون)) (٧).

٥ - وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حين مرت جنازة فأثني عليها خيراً فقال: ((وجبت وجبت وجبت)) ثم مر عليه بأخرى فأثني عليها شراً فقال: ((وجبت وجبت وجبت)) فقال عمر: فدى لك أبي وأمي: مر عليك بجنازة فأثني عليها خيراً فقلت: ((وجبت وجبت وجبت)) ومر بجنازة فأثني عليها شراً. فقلت: ((وجبت وجبت وجبت)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ... من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض)) (٨).

فهذه النصوص تفيد بمضمونها عموم الأمة، وأن الخطاب ليس مقصوراً على الصحابة ولا على جزء منهم.


(١) ((أسباب النزول)) الواحدي (ص: ٧٨).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٧/ ١٠٢).
(٣) ((تفسير البحر المحيط)) (٣/ ٢٨).
(٤) ((الجامع لأحكام القرآن)) القرطبي (٢/ ١٥٣)
(٥) رواه البخاري (٧٣٤٩).
(٦) رواه البخاري (٤٤٨٧).
(٧) رواه البخاري (٨٧٦)، ومسلم (٨٥٥). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨) رواه البخاري (١٣٦٧)، ومسلم (٩٤٩). من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>