للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الإعراض عن دين الله]

الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به ذكر الإمام ابن القيم- رحمه الله- والإمام محمد بن عبد الوهاب وأئمة الدعوة الإعراض كناقض من نواقض الإسلام، فما المقصود بالإعراض؟ وما هو الإعراض المناقض للإسلام؟

أ- مفهوم الإعراض:

ورد ذكر الإعراض في القرآن الكريم في أكثر من خمسين موضعاً (١)، سنستعرض بعضها، وننقل شيئاً من أقوال المفسرين حولها، وقبل ذلك نشير بإيجاز إلى كلام أهل اللغة في معنى الإعراض، ثم نذكر الخلاصة.

قال في اللسان: ( ... والمعرض: الذي يستدين ممن أمكنه من الناس، .. وقال الأصمعي: قوله فادَّان معرضاً: أي أخذ الدين ولم يبال أن لا يؤديه، ولا ما يكون من التبعة، ... وقيل: إن أراد أن يعرض إذا قيل له لا تستدن فلا يقبل، من أعرض عن الشيء إذا ولاه ظهره، وقيل: أراد معرضاً عن الأداء مولياً عنه) (٢).

(والإعراض عن الشيء: الصد عنه، وأعرض عنه: صد) (٣). (والإعراض الصدود، أعرض عنه: صد وولى) (٤).

وقال في اللسان في معنى التولي (وتولى عنه: أعرض: وولى هارباً: أي أدبر ... وقد ولى الشيء وتولى إذا ذهب هارباً ومدبراً، وتولى عنه إذا أعرض، والتولي يكون بمعنى الإعراض، ويكون بمعنى الاتباع، قال الله تعالى: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد: ٣٨] أي: إن تعرضوا عن الإسلام ... ) (٥). وقال الراغب الأصفهاني: (وقولهم: تولى) إذا عدي بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع منه، يقال: وليت سمعي، ووليت عيني كذا، ووليت وجهي كذا أقبلت به عليه، قال الله عز وجل: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا [البقرة: ١٤٤] وإذا عدي بمن لفظاً أو تقديراً اقتضى معنى الإعراض وترك قربة .. فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ [آل عمران: ١٤٤] إِلا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ [الغاشية: ٢٣] والتولي قد يكون بالجسم، وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار) (٦).

وقال أبو البقاء الكفوي في (الكليات): (الإعراض: أن تولي الشيء عرضك: أي جانبك ولا تقبل عليه، والتولي: الإعراض مطلقاً، ولا يلزمه الإدبار ... والإعراض: الانصراف عن الشيء بالقلب، قال بعضهم: المعرض والمتولي يشتركان في السلوك إلا أن المعرض أسوأ حالاً ... وغاية الذم الجمع بينهما) (٧).

وبعد هذه الإشارة السريعة للمعنى اللغوي نستعرض بعض الآيات المتعلقة بالموضوع مع ذكر أقوال بعض المفسرين.

١ - قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا [السجدة: ٢٢]. قال الإمام القرطبي: (ثم أعرض عنها بترك القبول) (٨) وقال الحافظ ابن كثير- رحمه الله- (أي: تناساها، وأعرض عنها، ولم يصغ لها ولا ألقى إليها بالاً) (٩).


(١) ((المعجم المفهرس)) (ص: ٤٥٧، ٤٥٨).
(٢) ((لسان العرب)) (٧/ ١٧٦) انظر ((المفردات)) (ص: ٣٣٠) للراغب الأصفهاني و ((مختار الصحاح)) (ص: ٤٢٥) و ((النهاية)) (٣/ ٢٠٩).
(٣) ((لسان العرب)) (٧/ ١٨٢).
(٤) ((الإفصاح في فقه اللغة)) (١/ ١٩٥).
(٥) ((لسان العرب)) (١٥/ ٤١٥).
(٦) ((المفردات)) (ص: ٥٣٤)، انظر ((الكليات)) (ص: ٢٨٠) لأبي البقاء الكفوي.
(٧) ((الكليات)) (ص: ٢٨).
(٨) ((الجامع لأحكام القرآن)) (١٤/ ١٠٨).
(٩) ((تفسير ابن كثير)) (٣/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>