للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام الشوكاني- رحمه الله-: (أي: لا أحد أظلم لنفسه ممن وعظ بآيات ربه التنزيلية أو التكوينية أو مجموعهما فتهاون بها، وأعرض عن قبولها، ولم يتدبرها حق التدبر، ويتفكر فيها حق التفكر) (١)، وقال محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله-: (فأعرض عنها: أي تولى وصد عنها) (٢).

٢ - قال سبحانه: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ [الأنبياء: ١] قال أبو حيان- رحمه الله-: (الغفلة عن الشيء، والإعراض عنه متنافيان، لكن يجمع بينهما باختلاف حالين، أخبر عنهم، أولاً: أنهم لا يتفكرون في عاقبة بل هم غافلون عما يئول إليه أمرهم، ثم أخبر ثانياً، أنهم إذا نبهوا من سنة الغفلة وذكروا بما يئول إليه أمر المحسن والمسيء أعرضوا عنه ولم يبالوا بذلك) (٣).

٣ - قال عز وجل: مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا [طه: ١٠٠] (أي: أعرض عنه فلم يؤمن به، ولا عمل بما فيه) (٤).

٤ - وقال تعالى: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ [الأنبياء: ٣٤]، قال أبو حيان - رحمه الله -: (والظاهر أن الإعراض متسبب عن انتفاء العلم لما فقدوا التمييز بين الحق والباطل أعرضوا عن الحق، وقال ابن عطية ثم حكم عليهم تعالى بأن أكثرهم لا يعلمون الحق لإعراضهم عنه، وليس المعنى فهم معرضون؛ لأنهم لا يعلمون، بل المعنى فهم معرضون ولذلك لا يعلمون الحق) (٥).

٥ - وقال سبحانه: وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا [الجن: ١٧].

قال الإمام القرطبي- رحمه الله-: (يعني القرآن، قاله ابن زيد، وفي إعراضه عنه وجهان: أحدهما: عن القبول، إن قيل في أهل الكفر، الثاني عن العمل، إن قيل إنها في المؤمنين) (٦).

٦ - وقال تعالى: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة: ٨٣] قال ابن عباس رضي الله عنه: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ: أعرضتم عن طاعتي، إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ قال: القليل الذين اخترتهم لطاعتي، وسيحل عقابي عمن تولي وأعرض عنها) (٧).

وقال أيضاً: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ، أي تركتم ذلك كله (٨).

٧ - قال سبحانه: ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ [آل عمران: ٢٣] قال الإمام الطبري- رحمه الله-: (ثم يستدبر عن كتاب الله الذي دعا إلى حكمه، معرضاً عنه منصرفاً، وهو بحقيقته وحجته عالم) (٩).

وورد في القرآن الكريم ذكر التولي بمعنى الإعراض، وترك الطاعة مثل:

٨ - قوله سبحانه: ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ [البقرة: ٦٤]، قال ابن جرير- رحمه الله-: (ثُمَّ تَوَلَّيْتُم ثم أعرضتم، وإنما هو (تفعلتم) من قولهم: ولاني فلان دبره. إذا استدبر عنه وخلفه خلف ظهره، ثم يستعمل ذلك في كل تارك طاعة أمر بها) (١٠).


(١) ((فتح القدير)) (٣/ ٢٩٦).
(٢) ((أضواء البيان)) (٤/ ١٢٤).
(٣) ((البحر المحيط)) (٦/ ٢٩٦).
(٤) ((فتح القدير)) (٣/ ٣٨٥).
(٥) ((البحر المحيط)) (٦/ ٣٠٦) انظر ((فتح القدير)) (٣/ ٤٠٣).
(٦) ((الجامع لأحكام القرآن)) (١٩/ ١٩) انظر (١٤/ ١٠٨).
(٧) ((تفسير الطبري)) (٢/ ٢٩٩) تحقيق أحمد شاكر،.
(٨) ((تفسير الطبري)) (٢/ ٢٩٩).
(٩) ((تفسير الطبري)) (٦/ ٢٩١).
(١٠) ((تفسير الطبري)) (٢/ ١٦٢) انظر (٣/ ١١٥, ٦/ ٤٧٧، ٤٨٣، ٨/ ٥٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>