للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: إنكار الوالد على أولاده]

أما إنكار الوالد على الولد فهو من الأمور التي نص عليها الشرع وأكد عليها.

يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: ٦].

يقول الزمخشري: قوا أنفسكم بترك المعاصي وفعل الطاعات. بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم (١).

ويقول سيد قطب –رحمه الله- حول هذه الآية: (إنها تبعة المؤمن في نفسه وفي أهله ثقيلة رهيبة. فالنار هناك وهو متعرض لها هو وأهله وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون هذه النار التي تنتظر هناك ... ) (٢).

فهذا أمر من الله تعالى يتضمن معنى النصيحة بأن يبذل الإنسان جهده في إصلاحه نفسه وأهله حتى يحول صلاحه نفسه وأهله دون النار.

وورد في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الأعظم الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) (٣).

فهذا الحديث العظيم يبين مسؤولية الرجل تجاه أولاده بل تجاه أسرته.

وورد عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع)) (٤).

وجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن)) (٥).

وروى أبو داود في سننه بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها)) (٦).

وفي رواية ((مروا أولادكم بالصلاة ... )) (٧).

فهذه الأحاديث كلها تبين مسؤولية الوالد تجاه أبنائه فعليه أن يتقي الله ويحسن تربيتهم، فهي أمانة في عنقه وعليه أن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ومن أهم المعروف ربطهم بالمساجد وحلق الذكر وتعليم القرآن وربطهم بالشباب الصالح الأتقياء الذين يدلونهم على كل خير ويحذرونهم من كل شر.

وعليه أن ينهاهم عن المنكر. ومن أعظم المنكرات اتصالهم بالشباب الفاسد المنحرف الذين يدلونهم على كل شر ويبعدونهم من كل خير. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة لعبد العزيز المسعود – ص ٥٦٠


(١) ((تفسير الكشاف)) م٣ (٦/ ١٣٠).
(٢) ((في ظلال القرآن)) (٦/ ٣٦١٨).
(٣) رواه البخاري (٧١٣٨)، ومسلم (١٨٢٩).
(٤) رواه الترمذي (١٩٥١)، وأحمد (٥/ ٩٦) (٢٠٩٣٨). قال الترمذي: غريب [فيه] ناصح أبو العلاء ليس عند أهل الحديث بالقوي، وقال ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٤/ ٤٢٧): فيه ناصح الكوفي ضعيف، وضعفه المباركفوري في ((تحفة الأحوذي)) (٥/ ٣٦٤)، والألباني في (ضعيف سنن الترمذي).
(٥) رواه الترمذي (١٩٥٢)، والحاكم (٤/ ٢٩٢)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (٦/ ٣٩٨) (٨٦٥١). قال الترمذي: غريب مرسل، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وخالفه الذهبي وقال: بل مرسل ضعيف، وقال ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٤/ ٤٢٨)، والمباركفوري في ((تحفة الأحوذي)) (٥/ ٣٦٥): مرسل، وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن الترمذي)).
(٦) رواه أبو داود (٤٩٤). من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال ابن رجب في ((فتح الباري)) (٥/ ٢٩٢): رويت من وجوه متعددة، أجودها، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.
(٧) رواها أبو داود (٤٩٥). عن جد عمرو بن شعيب رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال النووي في ((المجموع)) (٣/ ١٠): إسناده حسن، وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (٣/ ٢٣٨)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>