للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثانيا: أحقية علي بالخلافه]

إن أحق الناس بالخلافة بعد الثلاثة المتقدمين أعني أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهذا معتقد الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة بل ومعتقد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاطبة وهذا هو ما يجب على المسلم اعتقاده والديانة لله به في شأن ترتيب الخلافة الراشدة، وقد ورد الإيماء إلى حقية خلافة علي رضي الله عنه في كثير من النصوص الشرعية منها:

(١) قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم في الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور: ٥٥] الآية ووجه الاستدلال بها على حقية خلافة علي رضي الله عنه أنه أحد المستخلفين في الأرض الذين مكن الله لهم دينهم (١).

(٢) قوله عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)) (٢).

ووجه الدلالة في هذا الحديث على حقية خلافة علي رضي الله عنه أنه أحد الخلفاء الراشدين المهديين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وحافظوا على حدود الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وساروا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في العدل وإقامة الحق.

(٣) روى أبو عبد الله الحاكم وغيره بإسناده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقطعت نعله فتخلف علي يخصفها فمشي قليلاً ثم قال: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قال أبو بكر: أنا هو قال: لا. قال عمر أنا هو قال: لا. لكن خاصف النعل –يعني عليا فأتيناه فبشرناه فلم يرفع به رأسه كأنه قد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم)) (٣).

هذا الحديث فيه إيماء إلى ولايته حيث إنه رضي الله عنه قاتل في خلافته أهل التأويل الذين خرجوا عليه بالتأويل، ومنه أخذت أحكام قتال البغاة في أنه لا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا يغنم لهم مال ولا يسبى لهم ذرية وغير ذلك من أحكامهم وقاتل أيضاً الحرورية الذين تأولوا القرآن على غير تأويله وكفروا أهل الحق ومرقوا من الدين مروق السهم من الرمية.

(٤) روى مسلم في (صحيحه) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق)) (٤).


(١) انظر: ((منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين)) لابن قدامة (ص: ٧٤) (مخطوط) برقم (٢٥٣) في مكتبة عارف حكمة بالمدينة.
(٢) رواه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٠)، وأحمد (٤/ ١٢٦) (١٧١٨٤)، والدارمي (١/ ٥٧) (٩٥)، والحاكم (١/ ١٧٤). من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة، ووافقه الذهبي، وقال ابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢/ ١١٦٤): ثابت صحيح.
(٣) رواه الحاكم (٣/ ١٣٢)، ورواه أحمد (٣/ ٨٢) (١١٧٩٠). قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ١٣٦): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (١٦٧): إسناده رجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٥/ ٦٣٩): على شرط مسلم.
(٤) رواه مسلم (١٠٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>