لا يخرج العباد وأفعالهم عن غيرها من المخلوقات، فقد علم الله ما سيخلقه من عباده، وعلم ما هم فاعلون، وكتب كل ذلك في اللوح المحفوظ، وخلقهم الله كما شاء، ومضى قدر الله فيهم، فعملوا على النحو الذي شاءه فيهم، وهدى مَن كتب الله له السعادة، وأضل مَن كتب عليه الشقاوة، وعلم أهل الجنة ويسرهم لعمل أهلها، وعلم أهل النار ويسرهم لعمل أهلها، ... قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:٩٦]، وقال: وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ [الصافات:٥٢]، وقال: وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر:١١]. وقال: مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:١٧٨]، وقال: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل: ١٢٥]. وجاءت أحاديث كثيرة تواتر معناها على أن رب العباد علم ما العباد عاملون، وقدّر ذلك وقضاه وفرغ منه، وعلم ما سيصير إليه العباد من السعادة والشقاء، وأخبرت مع ذلك كله أن القدر لا يمنع من العمل، ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له)) (١). الإيمان بالقضاء والقدر لعمر بن سليمان الأشقر - ص٣٥
(١) رواه البخاري (٧٥٥١)، ومسلم (٢٦٤٩). من حدبث: عمران بن حصين.