للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني عشر: زيارة أهل الجنة ربهم]

ذكر الترمذي عن سعيد بن المسيب أنه لقى أبا هريرة فقال أبو هريرة: ((أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة, فقال سعيد أفيها سوق؟ قال: نعم، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم, ثم يؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا, فيزورون ربهم, ويبرز لهم عرشه, ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة, فتوضع لهم منابر من نور, ومنابر من اللؤلؤ, ومنابر من ياقوت, ومنابر من زبرجد, ومنابر من ذهب, ومنابر من فضة, ويجلس أدناهم وما فيهم من دني على كثبان المسك والكافور, ما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلساً, قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله وهل نرى ربنا؟ قال: نعم, هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟ قلنا: لا، قال: كذلك لا تتمارون في رؤية ربكم, ولا يبقى في ذلك المجلس رجل (إلا) حاضره الله محاضرة, حتى يقول للرجل فيهم: يا فلان بن فلان أتذكر يوم قلت كذا وكذا, فيذكره ببعض غدراته في الدنيا فيقول: يا رب أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى فبسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه. (فبينا) هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم, فأمطرت عليهم طيباً لم يجدوا مثل ريحه شيئاً قط, ويقول ربنا: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما (اشتهيتم) , فنأتي سوقاً قد حفت به الملائكة, (فيه) ما لم تنظر العيون إلى مثله, ولم تسمع الآذان, ولم يخطر على القلوب, فيحمل لنا ما اشتهينا, ليس يباع فيها ولا يشترى, وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضاً قال: فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة فيلقى من هو دونه وما فيهم دني فيروعه ما يرى عليه من اللباس (فما) ينقضي آخر حديثه (حتى) يتخيل (عليه) ما هو أحسن منه, وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها, ثم ننصرف إلى منازلنا, فتتلقانا أزواجنا فيقلن: مرحباً وأهلاً لقد جئت وإن (لك) من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه, فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار جل جلاله (ويحق لنا) أن ننقلب ما انقلبنا)) (١).

٥٤١ - وذكر الترمذي من حديث صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس: ٢٦] قال: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، قالوا: ألم يبيض وجوهنا؟ ألم ينجنا من النار؟! ألم يدخلنا الجنة؟! قالوا: بلى، فيكشف الحجاب, فوالله ما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من النظر إليه)). (٢) العاقبة أو الموت والحشر والنشور لعبد الحق الأشبيلي الآذى– ص: ٣٢٥


(١) رواه الترمذي (٢٥٤٩). وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٤/ ٣٩٣): [فيه] عبد الحميد هو كاتب الأوزاعي مختلف فيه وبقية رواة الإسناد ثقات. وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن الترمذي)) (٢٥٤٩)، و ((ضعيف سنن ابن ماجه)) (٥٠٠١)، و ((السلسلة الضعيفة)) (١٧٢٢).
(٢) رواه الترمذي (٢٥٥٢). وصححه ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ١١) وابن رجب في ((سير الدلجة)) (٤/ ٤٣٢). والألباني في صحيح الترمذي (٣١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>