للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الشرك الأكبر بعمل القلب]

قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي في بيان حد الشرك الأكبر: إنَّ حدَّ الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده: (أن يصرِفَ العبد نوعاً أو فرداً من أفراد العبادة لغير الله) فكلُّ اعتقادٍ أو قولٍ أو عملٍ ثبت أنَّه مأمورٌ به من الشَّارع فصرفُه لله وحده توحيدٌ وإيمانٌ وإخلاصٌ، وصرفُه لغيره شركٌ وكفرٌ. فعليك بهذا الضَّابط للشِّرك الأكبر الَّذي لا يشذُّ عنه شيءٌ القول السديد لعبد الرحمن السعدي – ص: ٥٤

وهذه صور لما يلحق أعمال القلب من الشرك الأكبر:

فالإخلاص يضاده الإشراك فمن ليس مخلصاً، فهو مشرك، إلا أن الشرك درجات، وقد جرى العرف على تخصيص اسم الإخلاص بتجريد قصد التقرب إلى الله تعالى عن جميع الشوائب، فإذا امتزج قصد التقرب بباعث آخر من رياء أو غيره من حظوظ النفس فقد خرج عن الإخلاص (١).

إذ ينافي إخلاص النية والقصد لله عز وجل الشرك في النيات والإرادات، يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله -: (وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر الذي لا ساحل له وقل من ينجو منه، فمن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئاً غير التقرب إليه، وطلب الجزاء منه، فقد أشرك في نيته وإرادته، والإخلاص: أن يخلص لله في أفعاله وأقواله وإرادته ونيته، وهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم التي أمر الله تعالى بها عباده كلهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام، كما قال تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥) [آل عمران: ٨٥]) (٢).


(١) ((موعظة المؤمنين)) (ص: ٤٢٧).
(٢) ((الجواب الكافي)) (ص: ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>